شهدت أسواق مدينة ديرالزور الواقعة تحت سيطرة النظام السوري وحلفائه، ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار جميع المواد والسلع التجارية والغذائية واللحوم والأدوية وغيرها من البضائع والتي وصلت إلى أرقام وصفت بـ”الخيالية”، بالتزامن مع انخفاض قيمة الدخل للمواطن وعدم قدرته على تحمل تكلفة شراء احتياجاته الأساسية.
استمرار تحليق أسعار البضائع والسلع أثار حالة من الاستياء لدى أبناء المدينة الذين اتهموا حكومة النظام بـ “التقصير في حماية المستهلك وعدم تشديد الرقابة على الأسواق وإهمال قضية التلاعب بالأسعار في السوق المحلية”، والتي تسببت بأزمة كبيرة يعاني منها الجميع وخاصةً فيما يتعلق بالمواد الأساسية مثل الأرز والسكر والخبز والزيت وغيرها.
حيث عزا الأهالي أسباب غياب الرقابة التموينية على الأسواق المحلية إلى الفساد المستشري في أروقة مؤسسات النظام الخدمية والتجارية ولدى مدرائها وموظفيها، وبالذات فيما يتعلق بعملية إدخال البضائع المهربة أو بيع السلع منتهية الصلاحية أو السماح باحتكار بعض المواد الأساسية لفترة من الزمن ومن ثم طرحها في السوق بأسعار مرتفعة جداً.
مصدر محلي قال لمراسلة منصة SY24 في مدينة ديرالزور، إن فقدان معظم السلع الضرورية عن السوق لفترات طويلة من الزمن، على الرغم من توافرها في باقي المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام، وحتى في مناطق “قوات سوريا الديمقراطية” على الضفة المقابلة لنهر الفرات، وذلك بعد قيام عدد من التجار المحسوبين على النظام باحتكار هذه البضائع داخل مستودعاتهم وبيعها بشكل مجتزأ للأهالي عبر سماسرة محليين وبأسعار مرتفعة جداً.
كما تحدث المصدر عن وجود فروقات شاسعة في أسعار المواد الغذائية بين المحلات التجارية الموجودة في أحياء المدينة الريف المحيط بها، حيث وصل في بعض الأحيان لأكثر من 5000 ليرة سورية، ما دفع البعض لزيارة أكثر من محل والسؤال عن الأسعار قبل شرائها، أو الاضطرار إلى الاستغناء عن بعض السلع الكمالية مقابل شراء السلع الضرورية.
“نور العبدالله”، طالبة جامعية من سكان حي الجورة في ديرالزور، قالت إن “معاناة ذويها في شراء المواد الأساسية لهم باتت لا توصف، مع تذبذب الأسعار واختلافها من محل لآخر وقيام التجار باحتكار بعض السلع المهمة وبيعها بأسعار خيالية، وغيرها من الممارسات التي جعلت الحياة في المدينة لا تطاق، دفعت البعض إلى بيع ممتلكاتهم الشخصية لشراء بعض المستلزمات الضرورية”، على حد قولها.
وأفادت بأن “أسباب ارتفاع الأسعار في ديرالزور معروفة لدى الجميع ولكن أهمها هي الضرائب والإتاوات المالية التي تفرضها حواجز قوات النظام والميليشيات الإيرانية على البضائع القادمة للمدينة، وأيضاً على البضائع المهربة عبر المعابر النهرية مع مناطق قسد، بالإضافة إلى انهيار الليرة السورية بشكل كامل أمام الدولار متجاوزةً حاجز الـ 6000 ليرة سورية، ما زاد من معاناة الأهالي”.
وأضافت في ختام حديثها مع منصة SY24، أن “البعض من أبناء المدينة، والذين آثروا البقاء كل هذه السنوات داخلها، باتوا يفكرون جدياً بالهرب منها وعرضوا منازلهم ومحلاتهم التجارية للبيع أملاً بالسفر للخارج، فيما تمسك البعض بالبقاء على أمل أن تتحسن الأوضاع مع قيامهم ببيع بعض ممتلكاته الشخصية مقابل الحصول على ما يحتاجونه من سلع ومواد غذائية”.
فيما اضطرت السيدة “هبة عبدالقادر”، إلى التواصل مع بعض السماسرة المحليين من أجل الحصول على بضع عبوات حليب الأطفال من أجل اطعام طفلها الذي لم يتجاوز عامه الأول، مقابل مبالغ مالية خيالية وصلت لأكثر من 40 ألف ليرة مقابل العلبة الواحدة، ما اضطرها إلى بيع قطعة من مجوهراتها من أجل تأمين الطعام لطفلها.
والجدير بالذكر أن حواجز قوات النظام والميليشيات المحلية والإيرانية المنتشرة على مداخل ديرالزور وعند المعابر البرية والنهرية مع مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، تفرض إتاوات مالية على جميع شاحنات البضائع والسلع التجارية والغذائية وأيضاً على المحروقات والأدوية التي تدخل إلى المدينة، ما اضطر التجار إلى رفع أسعار بضائعهم لتغطية المبالغ المالية التي تم دفعها لهذه الحواجز، الأمر الذي انعكس سلباً على حركة السوق وعلى المواطن الذي بات يعاني كثيراً في ظل الغلاء الفاحش وعدم قدرته على تأمين ما تحتاجه عائلته من المواد الأساسية.