تزداد معاناة مرضى السرطان في شمال غرب سوريا، في رحلة العلاج المؤلمة والمكلفة أيضاً بسبب صعوبة تأمين علاج مجاني لغالبية المرضى، وعدم قدرة عدد كبير منهم على تحمل تكاليف العلاج المرتفعة من الخضوع لجلسات العلاج والجرعات والتحاليل والأدوية، في حين يضطر عدد منهم إلى تحمل مشقة السفر إلى المشافي التركية لمتابعة العلاج، مع وجود عوائق وقيود يفرضها الجانب التركي على المرضى للسماح لهم بالدخول والعلاج.
قبل ثلاث سنوات خضعت السيدة “أم فؤاد” 45 عام، لعلاج كيماوي في “مركز الأورام السرطانية” بمشفى المحافظة في مدينة إدلب، لوجود كتلة سرطانية في الثدي، وعند تطور حالتها المرضية، واحتياجها لجلسات العلاج الشعاعي، وهي غير متوفرة في المركز، اضطرت للدخول إلى تركيا لمتابعة العلاج دون السماح لأي مرافق لها بالدخول معها تقول لنا: “عدت من تركيا منذ أسبوع، بعد خضوعي لعلاج طويل امتد على 30 جلسة أشعة، و17 جرعة بعد أن عجزت عن تأمين تكلفة الجرع والتي تصل حسب ما أخبرني به الطبيب المشرف على حالتي (أيهم جمو) أن كل أربع جرع تكلف 5000 دولار، وأنا أحتاج الى 17 جرعة وهذا خارج قدرتي وقدرة المركز”.
تابعت “أم فؤاد” مرحلة علاجها في تركيا لوحدها، تاركة وراءها عائلتها، لمدة تصل حوالي ثلاثة أشهر كل مرة، وحاليا تعيش فترة مراقبة بعد اكتمال العلاج في منزلها بمدينة إدلب تخبرنا أن “مشقة السفر وتحمل مصاريف العلاج لوحدها في تركيا يوازي ألم المرض”.
في وقت سابق، تم تخفيض عدد الحالات المقولة للدخول إلى تركيا لمتابعة العلاج، من عشر حالات إلى خمس فقط يومياً، وليست فقط من مرضى السرطان بل من جميع الأمراض المزمنة والحالات المستعجلة.
أكد الطبيب “جمو” في حديث سابق مع SY، أن المركز يفتقر للعلاج الشعاعي، وهو غير موجود في سورية بالكامل، ويتوفر في الأراضي التركية لذا يتم إحالة عدد من المرضى إلى المشافي التركية، فضلاً عن العلاج المناعي فهو مكلف جداً، وهو ضروري لكثير من الحالات لضمان عدم عودة المرض إليها”.
في حين يقدم المركز للمرضى، استشارات مجانية لجميع الحالات، والعلاج الكيماوي، والعلاج الكيماوي الهرموني، وتسريب الجرعات للمرضى، إضافة إلى قسم الجراحة في حال وجود ضرورة لأخذ خزعة أو إجراء عمل جراحي لاستئصال الثدي.
” أم علي” مريضة أخرى، باغتها مرض السرطان قبل سنتين، وهي امرأة كبيرة في السن، ولم تتمكن من متابعة علاجها في المشافي التركية، تقول لنا ابنتها: إنهم اكتشفوا المرض عندما اشتكت والدتهم من ألم في أسفل البطن، وعند الكشف تبين وجود عقد عند الرحم، ما أدى إلى استئصال الرحم بالكامل، ليتبين أن الكتل سرطانية، وهنا بدأت فصلاً من العذاب والعلاج والتكاليف.
لم توافق السيدة السبعينية على إكمال علاجها في تركيا، لكبر سنها، وعدم السماح للمرافق بالدخول معها، فاستسلمت لمتابعة العلاج بالمركز والتكفل بثمن الجرعات والجلسات، كما يفضل عدد من المرضى عدم السفر إلى تركيا، و الخضوع للعلاج المتوفر بالمركز الوحيد في الشمال السوري، كحال “أم علي”.
يذكر أن وجود مركز علاج السرطان في المنطقة خفف على مئات المرضى أعباءً كثيرة، ومبالغ مكلفة لا قدرة لدى كثير منهم على تحملها، ناهيك عن تحمل ألم المرض ومراحل العلاج والعمل الجراحي والجرعات الكيماوية، وساعد آلاف المرضى في تلقي العلاج ضمن مناطقهم دون الحاجة إلى تحمل مشقة السفر إلى تركيا أو مناطق سيطرة النظام لمتابعة علاجهم كما كانوا يفعلون سابقاً.