دق عدد من المحللين والناشطين السوريين ناقوس الخطر محذرين من مرسوم أصدره رأس النظام السوري بشار الأسد، والذي يستهدف الأطفال مجهولي النسب، لافتين إلى أنه يسمح بتجنيس وتمكين عناصر الميليشيات الإيرانية المتواجدين في سوريا.
ويهدف هذا المرسوم بحسب النظام السوري، إلى ضمان تمتع الأطفال مجهولي النسب بجميع الحقوق دون التمييز عن أقرانهم، ويستهدف الأطفال مجهولي الأم والأب، أو مجهولي الأب ومعلومي الأم لكن أمهاتهم تخلت عنهم ولا يوجد مَن يرعاهم.
وادّعى النظام أن المرسوم يحمل حالة متطورة للدور الموكل للمؤسسات الرسمية من جهة ولمكونات المجتمع الأهلي من جهة أخرى، تجاه الأطفال مجهولي النسب، وذلك من خلال إحداث هيئة عامة مسؤولة عن رعايتهم، تسمى “بيوت لحن الحياة” تعدّ المرجعية الاجتماعية بكل ما يتعلق بالأطفال مجهولي النسب على كافة أراضي سوريا.
وحول ذلك قال الأكاديمي “أحمد الحمادي” لمنصة SY24، إنه “من الطبيعي أن يتمتع مجهولو النسب بحق الحياة و الرعاية الاجتماعية الكاملة و تنشئتهم التنشئة الاجتماعية القويمة و توفير لهم جميع المتطلبات ليكونوا عناصر فاعلة اجتماعية في المجتمع الذي يعيشون فيه، طبعا هذا في حالة الدولة السليمة المعافاة من أي نزاعات تعاني منها، فالدولة ومؤسساتها معنية برعاية جميع مواطنيها وجعلهم يتمتعون بكافة حقوق الإنسان دون أي تمييز”.
وأضاف “أما في سوريا فلقد تمت معالجة وضع هذه الشريحة الاجتماعية السابقة لينالوا نصيبهم من الرعاية المجتمعية وتنشئتهم والتمتع بحقوقهم، من خلال المرسوم 276 لعام 196، فما الذي استجد لتعديله وتغييره؟”.
وتابع “في سوريا وبعد تفجر ثورة الشعب السوري الوضع اختلف كثيراً، حيث استنجد النظام القاتل المجرم بقوى خارجية ولا تمت لسورية بأي صلة سوى العزف على الوتر الطائفي والثارات الطائفية التاريخية من تاريخنا السحيق، حيث أدخل الميليشيات الطائفية من لبنان وإيران والعراق وأفغانستان وباكستان وغيرها، لتكون دعائم ميليشياوية لإجرامه وقتله واغتصابه للسلطة والبقاء على كرسي الحكم والتسلط على رقاب الشعب السوري”.
ودخول هؤلاء مع عائلاتهم أو تكوين عائلات جديدة أو من خلال علاقاتهم الجنسية غير المشروعة، حسب “الحمادي”، خلق واقعاً جديداً هو زيادة نسبة مجهولي النسب في سوريا بما فيهم هؤلاء العناصر الميليشياوية التي دخلت خصوصا للقتل و الإجرام في سوريا لصالح النظام واستمراريته، و الذي قال رئيسه منذ الأيام الأولى للثورة بأن الوطن ليس جواز سفر بل لمن يدافع عنه، و بذلك نفى صفة الوطنية عمن لا يدافع عن كرسيه و أعطاها لمن يدافع عن نظامه وسيطرته وقتله وإجرامه، لذا استجد بالنسبة للنظام ضرورة معالجة مشكلة هؤلاء القانونية من خلال تجنيسهم و توفير إمكانية تسجيلهم و تجنيسهم .
ولفت “الحمادي” إلى الآثار القانونية والمجتمعية والسياسية والسكانية والتغيير الديموغرافي جراء ذلك، حيث تم تجنيس مئات الآلاف من هؤلاء ومنحهم كامل حقوق المواطن، مما جعلهم يتملكون أجزاء كبيرة من سوريا ومنها العاصمة دمشق.
وبالعودة لمجهولي النسب، وفق ما تابع “الحمادي” حديثه، فإن هؤلاء جميعا بالنسبة للشعب السوري مجهولي نسب، و من ينتج عن علاقتهم الجنسية أيضا مجهولي النسب، لذا رأى رأس النظام السوري معالجة وضعهم العام على الرغم من انعكاساته الخطيرة على بنية المجتمع السوري وتركيبته لاحقا ومجمل أنشطة حياته الاجتماعية، فأصدر المرسوم رقم 2 للعام 2023 ، و أقر إنشاء بيوت لحن الحياة كدور رعاية اجتماعية ترعاهم.
وتساءل “الحمادي” ما هذه التمثيلية الإنسانية المفرطة بإقامة بيوت لحن الحياة ، و هو من عزف بكل وحشية وإجرام رصاصا وبراميل وصواريخ قصيرة وبعيدة المدى وغارات جوية وغازات قاتلة و أسلحة كيمياوية ضد الشعب السوري ليقضي على حياتهم ويدمر بيوتهم و قراهم وبلداتهم ومدنهم ويعتقلهم ويهجرهم؟.
وختم بالقول: “هذا المرسوم هو سلاح قانوني مشهر في وجه الشعب السوري ليدخله في مشكلات مستقبلية كثيرة في مختلف نواحي الحياة، وجاء استكمالا لأعماله العسكرية العنيفة ضده والتي أدت لما نراه من مآسي حلت على رؤوس كل السوريين، و عانوا و مازلنا نعاني منها حتى الخلاص من النظام القاتل المجرم وجميع ما ارتكب من جرائم ضد الشعب السوري”.
وكان اللافت للانتباه من مواد المرسوم، المادة 24 التي حظّرت على “بيوت لحن الحياة” أو السجل المدني أو أيّ جهة أخرى، وتحت طائلة المساءلة القانونية، الإشارة أو الدلالة على أن الشخص مجهول نسب في أيّ من الوثائق الرسمية المُتعلّقة به، ويتم التسجيل في سجل الواقعات بشكلٍ سرّي، ولا يجوز الاطلاع على هذا السجل إلا بناءً على طلب من المحكمة المُختصّة الناظرة في دعوى النسب أو إثبات البنوّة، ما أثار تساؤلات كثيرة.
من جهتها، “إيمان ظريفة” ناشطة في مجال المناصرة الإنسانية قالت لمنصة SY24: “في هذا الصدد اختلط الحابل بالنابل واختلطت الأنساب، فالفوضى عارمة في سوريا”.
واعتبرت أن المرسوم الجديد مؤشر خطير في هذا الموضوع الحساس ، وهو تمكين للوجود الإيراني وميليشياته في سوريا.
ورأت أن الهوية السورية طمست وضاعت، وأننا نحتاج إلى فترات زمنية طويلة لإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح، حسب تعبيرها.
ووفقا للمرسوم الذي أثار جدلاً واسعاً، فإن مكان العثور على الطفل مجهول النسب، بحسب المادة 20 من المرسوم، يُعد هو مكان ولادته، ما لم يثبت خلاف ذلك. ويُعدُّ الطفل عربياً سورياً مُسلماً ما لم يثبت خلاف ذلك بحكم قضائي قطعي. بحسب ما جاء في المادتين 21 و22.