أمهات سوريات على مقاعد الجامعة.. تحديات وإصرار على النجاح 

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

حرمتها سنوات الحرب السابقة من متابعة تعليمها الجامعي، بعد نجاحها بتفوق في الشهادة الثانوية، فبقيت رغبتها بدرسة فرع الأدب العربي حلماً حملته معها إلى حياتها الزوجية.

“حلا الحموي” 31 عام مهجرة من مدينة حماه، مقيمة في الشمال السوري، أم لثلاثة أطفال أكبرهم عشر سنوات، طالبة جامعية في السنة الأولى من فرع الأدب الإنكليزي بعد أن كان خيارها الوحيد لدخولها إلى الجامعة عقب انقطاع 12 عام عن الدراسة.

تعيش “حلا” اليوم واحد من أكبر التحديات في حياتها، بعد أن أصبحت زوجة وأم وعاملة أيضاً، وأصرت على دخولها الجامعة ليكون هذا الامتحان أول امتحان لها، تقول في حديثها إلينا: إنه “رغم الصعوبات ووجود أطفال ثلاثة مسؤولة عنهم، إلا أن حلم الدراسة الجامعية كان أول أهدافي وطموحاتي رغم تأخري أكثر من عشر سنوات، إلا أن الفرصة ما زالت أمامي وأنا اليوم أخطو الخطوة الأولى لتحقيقها”.

“حلا” واحدة من سيدات كثر، عدن للدراسة في الفترة الأخيرة، بعد نزوحهن من مدنهن الأصلية، وحرمانهن من متابعة تعليمهن الجامعي بسبب ذلك، وعندما أتاحت لهن الجامعات في الشمال السوري العودة، كن أول المقدمات على ذلك، رغم اختلاف الظروف الحياتية الخاصة لكل واحدة منهن، ووجود زوج وأطفال ومسؤولية المنزل، التي ربما كانت دافعاً قويا لعدد منهن لمتابعة تعليمها وحصولها على شهادة جامعية تأهلها للدخول إلى مجال العمل وتحسين وضعها المعيشي، في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي يعيشها الأهالي في الداخل السوري بشكل عام.

تخبرنا “حلا” أن زوجها كان الداعم لها وسط جميع التحديات، وصعوبة الالتزام بأيام الدوام، ولاسيما أن أطفالها صغار بحاجة رعاية خاصة، ومتابعة تعليمهم.

“أميمة محمد” سيدة أخرى على أبواب تخرج من كلية التربية في إدلب، أكملت تعليمها بعد أن أنجبت طفلين، وحالت سنوات النزوح من إكمال   دراستها في جامعة حلب قبل الحرب، ليبقى مشروع الدراسة مؤجلاً إلى الوقت الحالي.

تقول “أميمة”: إنها عادت لإكمال دراستها في أول فرصة أتيحت لها، وكانت قد تزوجت وأنجبت أطفالها، وتحملت مسؤولية البيت مع زوجها في غربتها وسط غياب أهلها وأقاربها الذين تشتتوا في مناطق مختلفة.

وعن التحديات والصعوبات التي واجهت “أميمة” مثل كثيرات من الأمهات اللواتي عدن إلى الدراسة، هي تغيبها عن محاضرات العملي لعدم قدرتها على إبقاء أطفالها لوحدهم في المنزل أثناء غيابها، ولاسيما أنها تسكن في عفرين، و جامعتها في إدلب، ومسألة ذهابها وعودتها تحتاج ساعات طويلة.

تخبرنا أنها واجهت صعوبات كثيرة أثناء دراستها، وكانت تصحب أطفالها معها أحياناً إلى الجامعة في ظل الظروف المناخية الصعبة صيفاً وشتاء، فضلاً عن قضاء أكثر من ثلاث ساعات على الطرقات، إضافة إلى التكاليف المادية أيضاً.

تضيف أنها لاحظت في السنوات الأخيرة زيادة عدد الطالبات الأمهات والمتزوجات على حساب الفتيات العازبات، بل يتفوقن عليهن في المعدل، بسبب إصرارهن على النجاح وتحدي ظروفهن اليومية والزوجية.

لم تكتفِ أميمة بالدراسة وتربية الأطفال، بل كانت تعمل في أوقات متفرقة، بعقود عمل مؤقتة، لمساعدة زوجها في تأمين احتياجاتهم اليومية، في ظل الغلاء والظروف المعيشية السيئة.

تقول لنا: إن “تكوني زوجة وأم، وطالبة جامعية، وموظفة في آن واحد هو أمر مرهق للغاية، وخاصة أوقات الامتحانات، ولكن هناك دافع قوي يجعل المرأة منا تضحي وتتحمل فوق طاقتها، لتحقيق حلمها في الوصول إلى هدفها، وتكون يداً بيد إلى جنب زوجها”.

أن تشاهد أطفالاً رضعاً على يدي أمهاتهن الطالبات في أروقة الجامعة، لم يعد أمراً مستهجناً في السنوات الأخيرة بالشمال السوري، بل إن عدد النساء المتزوجات العائدات لمقاعد الجامعة زاد بشكل واضح في دلالة على إصرار السيدات السوريات على خلق النجاح والفرص مهما كانت ظروفهن صعبة.

مقالات ذات صلة