استمرار مسلسل الاغتيالات التي ينفذها مجهولون، هو العنوان الأبرز للأحداث التي تشهدها محافظة درعا جنوبي سوريا، الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة وعلى رأسها إلى متى يستمر هذا المسلسل؟ وما هو المطلوب لإنهائه؟.
وبشكل شبه يومي تقريباً، تشهد درعا عمليات اغتيال واسعة طالت عدداً كبيراً من الأشخاص منهم مدنيين ومنهم معارضين للنظام ورجال التسويات، وعسكريين، وغيرهم، حسب ما تنشر منصة SY24 في تقاريرها اليومية نقلاً عن شبكة مراسليها في المنطقة.
وكان العام الماضي 2022، حافلاً بتلك العمليات سواء عن طريق الاستهداف المباشر بالرصاص، أو عن طريق زرع العبوات الناسفة، بالتزامن مع أوضاع إنسانية ومعيشية صعبة يعيشها المدنيون.
وحول ذلك قال الأكاديمي والمهتم بملف المنطقة الجنوبية أحمد الحمادي لمنصة SY24، إنه “نلاحظ بين الفترة والأخرى عمليات استهداف وزعزعة للأمن والاستقرار، فبعد عام 2018 حيث تمت التسويات وما يسمى المصالحات في محافظة درعا، دخل النظام القاتل المجرم مدن و بلدات و قرى المحافظة التي كانت خارج سلطته، و لكن دخوله كان شكليا واسمياً ولم يستطيع فرض سلطته و هيمنة على المحافظة”.
و حاول بعد التسوية في عدة مرات دخول بعض المدن و البلدات لفرض هيمنته عليها والخلاص من البؤر الثورية والثوار و الأحرار ، ولكنه كان يواجه بمقاومة عنيفة ويتكبد خسائر كبيرة فادحة في الأرواح والعتاد و يعود خائبا مهزوماً، و هذا ما حدث في طفس واليادودة ونوى وجاسم و إنخل و درعا البلد و ريف درعا الغربي و غيرها، حسب الحمادي.
ومنذ التسوية والمصالحة لم يتمكن من إعادة سلطته على درعا، هذه المصالحة التي كشفت بعد حدوثها للثوار و الأحرار الكثير من الأشخاص الذين كانوا يتأمرون ويتعاونون مع النظام وأجهزته بلبوس ثوري، مما جعلهم محط سخط و استياء و عداء من الثوار لعمالتهم وخستهم، وفق وصفه.
وتابع أن هناك البعض الذين غيروا اتجاه بوصلتهم 180 درجة واصطفوا لاحقا مع النظام وعملوا في ميليشياته الأمنية ومع ميليشيا حزب الله اللبناني والميليشيات الإيرانية، وأيضا تم إدراجهم بالتصنيف الثوري كأعداء، وفق قوله.
ولفت إلى أن هذا الواقع ولّد ما يعرف بالاغتيالات في محافظة درعا ويستخدمها طرفي الصراع، حيث طبيعة الصراع الثوري الجديدة حتمت تغيير تكتيك واستراتيجية المواجهة العسكرية من مواجهة مباشرة إلى عمليات خاطفة سريعة تنقض على الهدف المحدد ثم تذوب في الحاضنة الثورية، أو زرع العبوات أو الاستهداف المباشر عندما تسنح الفرصة بذلك، لذا يقوم الثوار والأحرار باستهداف ضباط وقوى النظام العسكرية والأمنية والميليشيات الإيرانية والعملاء ومن يتعاون معهم وتجار المخدرات المرتبطين مع الميليشيا الإيرانية والفرقة الرابعة المهيمنة على هذه التجارة الهدامة للمجتمعات.
وخلال الفترة الأخيرة تكررت حوادث الهجوم على حواجز النظام واستهداف السيارات العسكرية التابعة للأجهزة الأمنية، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى، حسب ما رصدته المنصة في تقاريرها اليومية>
وفي المقابل، وحسب الحمادي، ظهرت من خلال عدة عمليات قام بها الثوار و الأحرار بأن الأجهزة الأمنية للنظام شكلت مجموعات اغتيالات و للتصفية تستهدف الثوار والأحرار، وخلق الفتن والتخريب في بينة المجتمع الحوراني، لإثارة نزاعات عشائرية وثارات شخصية، تصرف أنظار المجتمع والحاضنة الثورية عن النظام سبب كل ما تعرض ويتعرض له الشعب السوري.
وأكد بالقول، إنه “لذلك نرى حدوث عمليات الاغتيال بشكل شبه يومي، وقد تتعدد في اليوم الواحد في المحافظة، و بالمفهوم السياسي العام نستطيع القول بأن محافظة درعا غير آمنة ولا مستقرة و لا يسود في ربوعها الأمن، إذ أن الأجهزة الأمنية نفسها تتعامل مع المجتمع في درعا كبيئة معادية وتستهدف أحرارها وثوارها، وتضعهم في قوائم اسمية محددة لمن ستسعى للخلاص منهم عن طريق الاغتيالات وغيرها”.
وتقبع محافظة درعا تحت صفيح ساخن من عمليات الاختطاف والاغتيال والاقتحام وتفجيرات العبوات الناسفة منذ سيطرة جيش النظام والقوات الروسية والميليشيات الإيرانية عليها عام 2018 وحتى الآن.
وتابع الحمادي أن الثوار و الأحرار ما زلوا يسعون للخلاص من ضباط وعناصر النظام وميليشياته و الميليشيات الداعمة له وتجار المخدرات، الذين يعيثون فسادا في مجتمعهم.
ونبّه إلى أن مسلسل الاغتيالات مستمر ما دام النظام مستمر و ممسك في السلطة و لا يسعى إلى حل سياسي عام في سوريا، فمن قدّم كل هذه التضحيات من أجل الحرية و الكرامة والخلاص من العصابة الحاكمة القاتلة المجرمة، سيتمر بثورته و باستخدام كافة الوسائل الصراعية المتاحة لتحقيق أهدافه، و لن تنعم هذه العصابة و أدواتها و عملائها بالأمن والاستقرار و الأمان في سوريا ما دامت مغتصبة للسلطة و تتحكم بجميع مناحي الحياة للشعب السوري، حسب ما أفاد به.
واعتبر أن الاغتيالات وسيلة صراعية يستخدمها الثوار والأحرار لاستنزاف قوى النظام، وستبقى ما دام موجودا، حيث يستخدمها النظام لتصفية الثوار والأحرار و بعض العملاء المرتبطين به ممن حرق كرتهم وانتهى دورهم كما يقال.
وختم أنه لا استقرار ولا أمن ولا أمان للنظام في سوريا، وهدف الشعب السوري الخلاص منه نهائيا ومن العصابة الحاكمة القاتلة المجرمة، حتى إقامة دولة الوطن و المواطن و القانون لجميع السوريين، التي تحقق حرية وكرامة الجميع والخلاص الجذري من دويلة المزرعة، وفق وصفه.
يذكر أنه في نهاية العام 2022، اشتعلت محافظة درعا مجدداً، وعمّت عدة مظاهرات شعبية بعض المناطق، رافضة حكم النظام، والوضع الذي آلت إليه المحافظة بعد سيطرة النظام والميليشيات الحليفة له عليها منذ عدة سنوات، واتباعهم سياسية الاغتيالات وتصفية أكبر عدد ممكن من المعارضين.