فرضت الحواجز العسكرية التابعة لقوات النظام إتاوات مالية مضاعفة على المواطنين القادمين لمدينة ديرالزور من المحافظات السورية التي تعرضت لهزات ارتدادية ناجمة عن الزلزال الذي ضرب وسط وجنوب تركيا والشمال السوري المحرر، والذي خلف إلى الآن قرابة 8 آلاف قتيل من الجانبين وآلاف الجرحى والمفقودين.
وتراوحت قيمة الإتاوات المفروضة على المدنيين الفارين من المناطق المعرضة للهزات الارتدادية بين 10 و 20 ألف ليرة سورية على أبناء ديرالزور، في الوقت الذي تضاعفت فيه هذه الإتاوات لتصل لأكثر من 50 ألف ليرة على أبناء باقي المحافظات الراغبين بالإقامة لفترة مؤقتة في المدينة، وذلك بسبب تخوف النظام من هربهم باتجاه مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” على الضفة المقابلة لنهر الفرات.
حيث تمركزت الحواجز التابعة لمليشيا الفرقة الرابعة عند دوار البانوراما على مدخل المدينة الجنوبي وأيضاً عند بلدة عياش في مدخل الغربي، في الوقت الذي انتشرت فيه حواجز طيارة تابعة لفرع الأمن العسكري وميليشيا الدفاع الوطني على طول الطرقات العامة ومداخل المدن والبلدات الرئيسية في ريف ديرالزور، وقامت بفرض أتاوات على حافلات النقل والسيارات الخاصة مع تفتيش دقيق لها وسرقة بعض ممتلكات المدنيين الشخصية.
وتزامنت إجراءات حواجز النظام العسكرية في محيط مدينة ديرالزور مع ارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد الغذائية والتجارية في الأسواق المحلية، عقب قيام عدد من التجار باحتكار بعض المواد الرئيسية خوفاً من انقطاع الطرق بسبب الهزات الارتدادية التي تعرضت لها بعض المحافظات السورية، وأيضاً بسبب فرض الحواجز العسكرية التابعة لميليشيا الفرقة الرابعة إتاوات مالية إضافية على الشاحنات التي تنقل هذه السلع والبضائع إلى المدينة.
أهالي المدينة اتهموا قوات النظام باستغلال حالة الخوف والهلع التي سببتها الهزات الارتدادية لدى المدنيين من أبناء مدينة ديرالزور وباقي المحافظات السورية الذين تعرضت منازلها لأضرار جسيمة بفعل هذه الهزات، وقيامها بفرض مبالغ مالية طائلة مقابل السماح لهم بدخولها في ظل معاناة سكانها من آثار الزلزال الذي تسبب بسقوط عدد من الأبنية والمنازل في المدينة دون تسجيل وقوع أي إصابات في صفوف المدنيين.
“أحمد العلي”، من سكان مدينة ديرالزور ومقيم في اللاذقية، ذكر أنه “اضطر مع عائلته للعودة إلى ديرالزور بعد تعرض المنزل الذي يعيشون فيه بمدينة اللاذقية القريبة من الحدود التركية إلى تشققات كبيرة بفعل الهزات الارتدادية ما جعل البقاء فيه مستحيلاً، في ظل تحذيرات الخبراء حول إمكانية حدوث هزات ارتدادية وزلازل قوية في المنطقة”، على حد قوله.
وفي حديثه لمنصة SY24 قال: “عند وصولنا إلى المدينة فوجئنا بطلب أحد عناصر الفرقة الرابعة مبلغ 10 آلاف ليرة سورية على كل شخص، وعند سؤالنا عن السبب قال إن هذا المبلغ ثمن حلويات بمناسبة خروجنا بالسلامة من اللاذقية، ولم يسطيع أحد رفض طلبه بسبب تهديداته المبطنة باعتقال كل من يرفض الدفع بتهمة محاولة الهرب إلى مناطق قسد”.
وأضاف أن “المئات من أبناء مدينة ديرالزور عادوا إليها تفاجئوا بعدم وجود أي منازل فارغة أو أماكن للسكن ما اضطر عدد منهم للمبيت عند أقاربهم، فيما سافر البعض الآخر إلى دمشق ودرعا وحمص التي لم تتعرض لأي هزات ارتدادية عنيفة ولم يسجل فيها سقوط أي بناء أو منزل، بعكس ديرالزور التي سجلت سقوط عدد من الأبنية التي كانت معرضة لذلك”.
وبحسب وسائل إعلام تركية فإن الحصيلة الأولية للزلزال الذي ضرب ولايات وسط وجنوب البلاد بلغ إلى الآن أكثر من 5500 شخص وآلاف الجرحى والمفقودين العالقين تحت الأنقاض، مع استمرار الطواقم الطبية التركية بمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه منهم، وسط مخاوف كبيرة من إمكانية ارتفاع أعداد القتلى بهذا الزلزال الذي يعد الأعنف منذ 100 عام.
في الوقت الذي ما يزال فيه آلاف المدنيين محاصرين تحت الأنقاض في الشمال السوري المحرر الذي تعرض هو الآخر لآثار الزلزال الذي ضرب تركيا، وتسبب بمقتل قرابة 2000 مدني وإصابة الآلاف وتدمير قرى وبلدات كاملة فوق رؤوس قاطنيها، وسط نداءات مستمرة تطلقها منظمة الخوذ البيضاء بهدف المساعدة في إنقاذ العالقين تحت الأنقاض في ظل غياب الآليات الثقيلة والمعدات الضرورية لعمليات البحث، بالتزامن مع مناشدات أهلية ودولية بضرورة تقديم مساعدات غذائية ولوجستية للمدنيين الذين فقدوا منازلهم وأصبحوا في العراء منذ يومين، في ظل حالة الطقس السيئة وانخفاض درجات الحرارة واستمرار قوات النظام بقصف المنطقة