تعد ظاهرة عمالة الأطفال في مناطق سيطرة النظام، واحدة من أكبر التحديات التي أفرزها سوء الوضع الاقتصادي والمعيشي، ولاسيما أن كثيراً من العوائل الفقيرة وذات الدخل المحدود باتت ترسل بأطفالها الصغار إلى سوق العمل، بدلاً من المدرسة، للمساهمة في تأمين لقمة العيش واحتياجات الأسرة.
مراسلنا في الغوطة الشرقية، رصد عن قرب تأثير الأزمات المعيشية الخانقة التي يعيشها الأهالي هناك، خاصة مع انقطاع معظم مقومات الحياة، وانهيار قيمة الليرة السورية، والتضخم الاقتصادي الذي يشهده السوق، مخلفاً فجوة كبيرة بين معدل الدخل والإنفاق.
وهذا كله ترك أثراً واضحا على قطاع الزراعة، والثروة الحيوانية، تزامناً مع قلة فرص العمل المتاحة، واشتداد أزمات المواصلات والمحروقات والكهرباء، ودفعت جميع تلك الأسباب مئات الأطفال للانتشار في سوق العمل، والطرقات، والمناطق الصناعية، للبحث عن عمل قد لا يناسب أعمارهم، وحتى إن كانت الأجور متدنية، فضلاً عن توجه قسم كبير منهم إلى التسول والبحث بين الحاويات والطرقات ومكبات النفايات عن المواد البلاستيكية وعلب الكرتون والتنك لجمعها وبيعها.
مصدر خاص في الغوطة الشرقية أكد لمراسلنا أن نسبة الأطفال المتسربين من المدارس تجاوزت 45 بالمئة في مدن وبلدات الغوطة الشرقية، ما ينذر بكوارث حقيقية في المستقبل، على مستوى الطفل والمجتمع معاً.
إضافة إلى أن تدني مستوى التعليم، وقلة الكوادر التعليمية ذات الكفاءة العالية، أدى لتدهور القطاع التعليمي بشكل كبير وغير مسبوق، إذ أن نسبة الأطفال في المدارس الابتدائية الذين لا يجيدون القراءة والكتابة تتجاوز 60 بالمئة حسب قوله.
يكاد لا يخلو شارع أو حي في الغوطة من طفل أو أكثر يقومون بالنبش والبحث بين أكوام النفايات، وجمع المواد التي يمكن بيعها في أكياس علقوها على أكتافهم، وآخرين يجلسون أمام بسطات بيع صغيرة، يعرضون البسكوت وعلب المحارم على المارة لشرائها، إضافة إلى توجه مئات الأطفال إلى مهن شاقة لاتناسب أعمارهم وأجسادهم الصغيرة، مثل ورش تصليح وصيانة السيارات والآليات، أو ورش الحداد، وكذلك العتالة وحمل الأشياء الثقيلة، مقابل مبالغ مالية زهيدة تساعد أسرهم في تأمين لقمة العيش
يذكر أن انتشار الجهل والبطالة والمخدرات وغيرها من الأسباب أدت لتدهور الوضع بشكل كبير دون تدخل يذكر من مديرية التربية والتعليم التابعة للنظام أو تقديم حلول ولو جزئية للمساعدة بتخفيف هذه الحالة.