طالب مجلس بلدية مدينة ديرالزور، الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية والروسية الموالية له، قاطني أحد الأبنية السكنية في حي الجورة بضرورة إخلائه بالسرعة القصوى كونه يشكل خطراً على السلامة العامة، وذلك بعد قيام لجنة مختصة تابعة للبلدية بتقييم المبنى، ما تسبب بتشريد ثماني عائلات فيه دون أن تقوم بتعويضهم أو تأمين سكن بديل لهم.
عمليات إخلاء بعض المباني السكنية في ديرالزور زادت بعد تعرض المدينة لهزات ارتدادية ناجمة عن الزلزال الذي ضرب وسط وجنوب تركيا والشمال السوري المحرر، ما أدى إلى تدمير بعض المباني السكنية والمؤسسات الحكومية الفارغة والآيلة للسقوط في كل الأحوال، وتعريض العديد من المباني الأخرى لخطر السقوط على رؤوس أصحابها.
المسؤولين لدى النظام والمقربين من الميلشيات المسلحة المنتشرة في المدينة استغلوا قرار مجلس محافظة ديرالزور بإنشاء لجنة للكشف عن المباني الآيلة للسقوط في بعض أحيائها، وذلك عبر الحصول على مبالغ مالية ضخمة من بعض أصحاب هذه المباني لتقييمها بالشكل الذي يضمن مصالحهم الشخصية دون الاكتراث بحياة قاطنيها.
مراسل منصة SY24 في ديرالزور نقل عن مصادر خاصة قولها: إن محافظ المدينة والمهندس المسؤول عن عمليات التقييم واللجنة المرافقة له حصلوا على رشاوى مالية من قبل أصحاب عدد من الأبنية السكنية في أحياء الجبيلة والموظفين والجورة لتقييمها على أنها صالحة للسكن، لضمان استمرار المستأجرين فيها وعدم إخلائها وإزالتها وتعريضهم لخسائر مادية كبيرة كونهم سوف يتحملون تكلفة الإزالة وترحيل الأنقاض وأجور العمال والآليات المسؤولة عن هذه الأعمال.
المصادر ذاتها أكدت أن المسؤولين حصلوا على رشاوى مالية مضاعفة من أصحاب بعض المباني بهدف تقييمها على أنها آيلة للسقوط من أجل إخلاء المستأجرين منها بشكل فوري، ليتم بعدها إعادة تقييم هذه المباني من قبل نفس اللجنة بعد إفراغها ليقوم أصحابها بتأجيرها بأضعاف السعر الذي كان يدفعه المستأجرين السابقين، ما يهدد بحدوث أزمة سكن جديدة في المدينة التي تعاني أصلاً من اكتظاظ سكاني كبير في بعض أحيائها.
حيث تركزت عمليات تقييم الأبنية الآيلة للسقوط على أحياء الجورة والوادي والقصور غرب المدينة، والتي كان يسيطر عليها النظام طوال السنوات الماضية ولم تتعرض لأي عمليات عسكرية ، في الوقت الذي لم تقم فيها اللجنة بتقييم أي من مبنى في أحياء الشيخ يس والعرضي والحويقة، على الرغم من وجود عشرات المباني الآيلة للسقوط لم يتم إزالتها إلى الآن بحجة أنها غير مأهولة ولا تشكل أي خطر على المواطنين.
“أبو محمد”، مهندس معماري من أبناء مدينة ديرالزور، ذكر أن “اللجنة التي شكلها مجلس محافظة المدينة لم تتخذ أي إجراءات فعلية في عمليات تقييم المباني الآيلة للسقوط، وذلك كونها لم تستخدم أي أجهزة تتعلق بقياس درجات انحناء هذه المباني أو عمرها أو مدى قوة الأساسات والدعامات المثبتة لها، بالإضافة لعدم قيامهم بالنظر في العوامل المؤثرة على البناء من ناحية الرطوبة والعوامل الجوية الأخرى”، على حد قوله.
وفي حديثه مع مراسل منصة SY24 في المدينة قال: “اقتصر عمل اللجنة المسؤولة عن تقييم المباني السكنية في المدينة على البحث عن شقوق طولية وعرضية في جدران المنازل وهو أمر شائع في التقييم، إلا أنها ليست سبباً في هدم بناء كامل أو تقييم درجة خطورته على قاطنيه لأن بعض الشقوق قد تكون سطحية وناتجة عن آثار رطوبة في الجدران أو بسبب عمره وليس هناك أي خلل في أساسات البناء”.
وأضاف أن “تقييم الأبنية في الأحياء التي لم تتعرض لأي عمليات عسكرية وقصف هو مضيعة للوقت لأن هذه الأبنية ما تزال سليمة ما عدا تلك القديمة والتي قام متعهدوها بسرقة مواد البناء منها ولا يظهر تقييمها بالعين المجردة، ولذلك فإن هذه العمليات هي شكلية بهدف الحصول على رشاوى مالية أو تعويضات دولية او حتى هدم بعض المنازل التي يملكها معارضون للنظام بهدف الاستيلاء عليها لاحقاً لصالح ضباط الأجهزة وقادة المليشيات المسلحة في المدينة”.
ويشار إلى أن الهزات الارتدادية التي تعرضت لها مدينة ديرالزور تسببت بانهيار عدد من الأبنية السكنية والمؤسسات الحكومية التي كانت معرضة للسقوط في وقت سابق دون تسجيل وقوع أي إصابات في صفوف المدنيين، وسط نداءات محلية بضرورة إزالة تلك الأبنية الآيلة للسقوط بشكل فوري والتي تشكل خطراً فعلياً على قاطنيها وقاطني الأبنية المجاورة لها.