شهدت مدينة ديرالزور خلال الأيام الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في إيجارات المنازل وصالات العزاء، عقب وصول العشرات من أبناء المدينة المقيمين في المحافظات التي تعرضت لهزات ارتدادية بفعل الزلزال الذي ضرب وسط وجنوب تركيا والشمال السوري المحرر، والذي خلف آلاف القتلى والجرحى في البلدين، وقرابة 1300 قتيل في المدن الخاضعة لسيطرة النظام.
حيث اتجه عدد من القادمين إلى مدينة ديرالزور للبحث عن منازل للإيجار اليومي أو الشهري ريثما تهدأ الأوضاع في المدن التي كانوا يعيشون فيها، غير أن أصحاب المكاتب العقارية والمنازل المعدة للإيجار قاموا برفع التسعيرة المتعارف عليها لأكثر من الضعف، وطالبوا المستأجرين الجدد بدفع ما بين 25 و 50 ألف ليرة سورية مقابل اليوم الواحد للمنزل المؤثث، فيما تم تأجير المنازل الفارغة بالكامل مقابل 10 آلاف ليرة لليوم الواحد.
في الوقت الذي قام فيه أصحاب صالات العزاء برفع التسعيرة المخصصة لليوم الواحد لأكثر من 500 ألف ليرة سورية، بعد أن كانت لا تزيد عن 150 ألف ليرة، وذلك بسبب عدد الوفيات الكبير من أبناء المدينة الذين ذهبوا ضحية الزلزال في تركيا والشمال المحرر وحتى في المدن الخاضعة لسيطرة النظام واتجاه ذويهم لإقامة العزاء لهم في مدينتهم.
أهالي المدينة اتهموا أصحاب المكاتب العقارية ومالكي صالات العزاء بالتربح من الفاجعة التي حلت بالمدنيين جراء الهزات الارتدادية التي ضربت أماكن سكنهم ومحاولتهم تحقيق أكبر قدر ممكن من الربح، خاصةً مع قيام بعضهم بإفراغ بعض المنازل من مستأجريها وتأجيرها للعوائل القادمة من المدن المتضررة وبأسعار وصفت بـ”الخيالية”.
مديرية التموين التابعة لحكومة النظام في ديرالزور، قالت إنها لن تتدخل في وضع تسعيرة للمنازل المعدة للإيجار في المدينة أو لصالات العزاء وغيرها من العقارات التي يملكها المواطنون، وذلك لـ”عدم وجود قانون واضح يجبر المستأجر على عدم رفع قيمة الإيجار اليومي”، فيما اتهم أبناء المدينة مسؤولي التموين وموظفيها بالحصول على “رشاوى من أصحاب العقارات لغض النظر عن رفع الإيجارات لفترة محددة”.
“أبو أحمد”، من سكان مدينة ديرالزور و قريب أحد ضحايا الزلزال في تركيا، ذكر أن “عائلته قررت عدم إقامة عزاء لابنها بسبب ارتفاع تكلفته وعدم قدرتهم على تحمل قيمة إيجار الصالة في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها أغلب سكان المدينة، واتجاه عدد كبير منهم لقبول التعازي في المنزل أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي”، على حد قوله.
وفي حديثه مع مراسل منصة SY24 في ديرالزور، قال: “في يوم وليلة ارتفعت إيجارات المنازل في المدينة بنسبة تجاوزت الـ 100% وهو امر معيب جداً خاصةً من أصحاب العقارات المقربين من الميليشيات الإيرانية وميليشيا الدفاع الوطني الذين لطالما استغلوا الظروف السيئة للأهالي لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح”.
وأضاف أن “معظم صالات العزاء الموجودة في المدينة يملكها قادة في ميليشيا الدفاع الوطني وضباط في الأفرع الأمنية، ولهذا عندما رفعوا أيجارها مؤخراً لم تتدخل الحكومة أو التموين لمخالفتها أو تحذيرها، الأمر الذي دفع عدد كبير من المتضررين للعزوف عن إقامة العزاء لأبنائهم كما هو معروف في المدينة خلال هذه المناسبات”.
وأشار العم “أبو أحمد” إلى أن “تكلفة العزاء لمدة ثلاثة أيام في مدينة ديرالزور تجاوز أكثر من 3 مليون ليرة سورية تذهب نصفها إيجار الصالة، بينما يتم دفع بقية التكاليف ثمناً للقهوة وأجار المعدات والكراسي وبقية مستلزمات العزاء، وهو مبلغ ضخم جداً بالنسبة لأبناء المدينة الذين يعمل أغلبهم في المؤسسات الحكومية التابعة للنظام ويتقاضون ما قيمته 200 ألف ليرة كمرتبات شهرية، وهي لا تكفي لتغطية إيجار المنزل الذي يعيشون فيه.
والجدير بالذكر أن مدينة ديرالزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية والروسية الموالية له، تعرضت هي الأخرى لهزات ارتدادية ناجمة عن الزلزال الذي ضرب وسط وجنوب تركيا والشمال السوري المحرر والذي خلف إلى الآن أكثر من 40 ألف قتيل وعشرات آلاف الجرحى والمفقودين في البلدين، في ظل توقف عمليات البحث عن ناجين وبدء انتشار جثامين الضحايا.