أجمع عدد من المحللين والمهتمين بالملف السوري على أن رأس النظام السوري بشار الأسد، بدأ يستفيد من كارثة الزلزال وتحويلها من نقمة إلى نعمة، بهدف تحقيق انتصار سياسي واقتصادي زائف.
وأكدت بتول حديد مساعد باحث في مركز حرمون للدراسات، في حديثها لمنصة SY24، أن الأسد وبسبب حليفه الروسي بات يمتلك ثقة زائدة حتى وإن كانت وهمية، وبالتالي جاءت كارثة الزلزال لتزيد من هذه الثقة معتمدا كذلك على الدعم الروسي له.
وأشارت إلى أن النظام يحاول الإيحاء بأن الدول تتراكض وتتباكى للتطبيع معه، بينما في حقيقة الأمر الوضع عكس ذلك، إذ يأتي تحرك الدول من جانب إنساني فقط وليس من جانب سياسي.
ولفتت إلى أن النظام ومن خلال كارثة الزلزال، بات يعتبر نفسه منتصرا اقتصاديا ولو بشكل مؤقت، من خلال قدرته على استقدام العملة الصعبة من الخارج عبر التحويلات، ومن خلال مصادر دعم جديدة عن طريق المساعدات الخارجية، ومن خلال عمليات النهب التي يقوم بها الشبيحة والموالون له.
وذكرت أنه يعتبر نفسه أيضاً قد حقق انتصاراً سياسياً، من خلال إعطاء الموافقة للأمم المتحدة على السماح بمرور المساعدات الإنسانية عبر معبرين إضافيين إلى الشمال السوري، رغم أنه لا يسيطر عليها بشكل فعلي، ولكنّ ترحيب الأمم المتحدة بهذه الموافقة منحه هذا الشعور بالانتصار السياسي، مع العلم أن الأسد يعلم جيداً أنه خاسر لكل شيء، ومع ذلك يحاول إيهام حاضنته بأنه انتصر اقتصاديا وسياسياً، حسب تعبيرها.
وكان اللافت للانتباه، التطبيل من قبل ماكينات النظام الأمنية والإعلامية بالمساعدات التي تأتي إلى مناطق النظام من دول عربية وأجنبية، آخرها المساعدات السعودية، حيث بات كثير من المحللين في مناطقه يعتبرون أن ذلك بداية لعودة العلاقات إلى مجاريها مع الدول التي ترفض تعويم النظام ومنها السعودية ودول أخرى.
في حين اعتبر معارضون سوريون أن النظام يحاول استغلال الأزمة الإنسانية لتجييرها لصالحه على أنها نصر سياسي، وعلى أنه انتصر على قانون العقوبات قيصر وعلى ما يسميها المؤامرة الكونية، حسب تعبيرهم.
ورأى الحقوقي علي تباب في حديثه لمنصة SY24، أن هذا النظام يمتلك قدرا من القذارة والوضاعة بشكل كبير جداً، حتى أنه في حضرة الموت و الكوارث لا يستطيع إلا أن يعبر عن تلك الدناءة، ليدّعي تحقيق مكسب سياسي يهديه إلى شبيحته، بينما كل العالم تعلم هذه القذارة التي يمتلك، لكنها تقوم بواجبها الإنساني فقط، بعكس ما يفكر هو أو ماكيناته الإعلامية وحاضنته الشعبية، وفق قوله.
وأوضح أن كل الدول قدمت المساعدات تحت عنوان “مساعدات إنسانية”، منها ما هي من حلفائه ومنها ما هي دون ذلك، فهو يصور تعاون حلفائه على أنه انتصار سياسي لفك العزلة عنه، بينما باقي الدول أعلنتها بصراحة بأن ما تقدمه هو واجب إنساني فقط و طالبته بعدم تسييس الموضوع، لكنه مصر على محاولة إعادة تعويم نفسه بنفسه مستندا إلى ثقته الزائفة بنفسه وبداعميه روسيا وإيران، حسب وصفه.
من جهته، قال مأمون سيد عيسى، المهتم بالشأن الإغاثي والطبي شمالي سوريا، إنه “لا يوجد أي أحد يمكن أن يعترف بالأسد، وبالتالي لا يمكن أن يؤخذ على كلامه بأن الدول تتراكض للتطبيع معه من بوابة المساعدات الإنسانية”.
وتابع أن، الأسد هو من آخر من يهتم بالمنكوبين جراء الزلزال، فهو من قتل السوريين وتسبب بتشريد ملايين السوريين وما يهمه هو البقاء على كرسيه فقط، ولا يمكن تصديق ادعاءاته بأنه يهتم بالمنكوبين وقلبه على المتضررين من هذه الكارثة.
واستنكر سيد عيسى محاولة الأمم المتحدة دعم النظام والتغطية على عيوبه وانتهاكاته، في حين أن الدول العرية التي ترسل المساعدات فهو أمر إنساني ولا يمكن اعتباره مساعي للتطبيع السياسي ولا مانع من توزيع المساعدات على المتضررين في مناطق النظام، لكنها بحاجة لآلية رقابة منعا من سرقتها، وقد حصل رصد الكثير من عمليات السرقة التي طالت المساعدات التي دخلت لمتضرري الزلزال في مناطق الأسد.
ويترقب كثيرون انتهاء الكارثة وتبعاتها على الملف السوري سياسياً واقتصادياً، إضافة لانتظار ما الخطوات اللاحقة التي ستأتي لإيجاد حل سياسي للمأساة السورية المستمرة منذ نحو 12 عاماً، وفيما إذا كانت هناك أدوات ضغط جديدة ستمارس على روسيا وإيران لإجبار الأسد على التنحي عن السلطة.