تصف تقارير غربية متطابقة أن الهيمنة الاقتصادية لإيران وميليشياتها هي “قوتها الخفية” في سوريا، في حين يؤكد خبراء اقتصاديون أن النظام بات مثقلا بالديون الإيرانية ولم يعد لديه القدرة على سدادها.
وحسب التقارير فإن النظام السوري لا يمكنه رفض أي طلب من إيران ، خاصة فيما يتعلق بتوسعها الاقتصادي في سوريا، مبينة أن التوسع الاقتصادي الإيراني في سوريا يعني منح طهران شيكًا على بياض لممارسة السيطرة بعد الحرب، وهو ما يعني نفوذًا طويل الأمد في سوريا حتى بدون الحاجة إلى وجود عسكري، الأمر الذي وصفه مراقبون ومحللون بـ “الخطير جداً”.
وحول ذلك يقول الخبير والمستشار الاقتصادي “أسامة القاضي” لمنصة SY24، إن “النظام السوري لا يملك رفض أي طلب لإيران كونها ساندته في حربه ضد شعبه على مدى 12 عاما، ووقع نظام الأسد مع إيران قرابة 40 اتفاقية وهو ما تبقى من الأصول السيادية بعد ما أخذت روسيا حصتها”.
وأضاف أن تزويد إيران للنظام بالنفط أثقل النظام بديون تقدر بنحو 40 مليار دولار، ولذلك لا يستطيع إلا أن يرضخ لإرادة إيران التي استدعاها مختاراُ والآن يصعب عليه عدم الانصياع لأوامرها إجباراً أي أنه مجبر على ذلك، حسب تعبيره.
ووفقاً للتقارير الغربية، فإن الاتفاقات التي وقعها النظام السوري مع إيران خدمت طهران بالمثل أكثر من دمشق، لكن إيران لم تخف استياءها من العقود التي وقعها النظام مع روسيا واستمرت في استخراج الفوسفات السوري دون أي اتفاقات، مستغلة تواجد ميليشياتها في هذه المناطق.
ونبّهت إلى أن الأراضي التي تحتلها الميليشيات الإيرانية، تعتبر بحكم الأمر الواقع أراضيها، حتى من دون موافقة رسمية.
وبحسب القاضي، فإن “ما منحه الأسد كثير لإيران وهو لا يكفي لتغطية الديون الإيرانية كما منح روسيا الكثير من العقود والتي بالكاد تكفي ديونه، إذ لم يعد هناك أصول سيادية في سوريا تقريبا على الإطلاق، فكلها وزعت بين روسيا وإيران، ومثال ذلك مرفأ طرطوس الذي وضع الروس يدهم عليه مدة العقد 49 عاما تجدد تلقائيا ربع قرن”.
واعتبر القاضي أنه رغم كل المبادرات العربية “لاحتضان نظام الأسد من أجل نقله إلى الحظيرة العربية”، لكن لا أعتقد أنه سيكون هناك أي نجاح في هذه المسألة، لأنه فضلا عن وجود 400 قاعدة عسكرية إيرانية في سوريا وتمددها الطائفي في كل سوريا، فأعتقد أن استئصال إيران من سوريا صعب وجره إلى الحظيرة العربية من براثن النظام الإيراني أمر صعب، إلا إذا كان صانع القرار الروسي جادا في طرد الإيرانيين من سوريا بالتعاون مع العرب الذين يريدون تعويم الأسد، حسب تعبيره.
ويرى مراقبون ومحللون أن السيطرة الاقتصادية الإيرانية في سوريا وسيلة لتحقيق ما لم يعد من الممكن تحقيقه عسكريًا أو سياسيًا، مشيرين إلى أنها قوة خفية في بلد قائده لا حول له ولا قوة ولا يهتم بمصالح الشعب ولا يستطيع أن يقول لا.
بدوره قال الخبير الاقتصادي، محمد حاج بكري لمنصة SY24، إن “إيران منذ أن دخلت إلى سوريا اعتبرتها المحافظة رقم 34 وأن خط الدفاع عن إيران هو في سوريا، نتيجة موقع سوريا الجيوسياسي والاستراتيجي سواء بالمواجهة مع إسرائيل أو بالعلاقة مع حزب الله في لبنان، فكانت الهيمنة تتعلق بالشق الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والعسكري والديني”.
وزاد موضحا، أن التغيير الديمغرافي الذي حصل في سوريا وتوسع ملكية الإيرانيين وخاصة في المناطق الاستراتيجية بحجة المزارات كانت مشهودة لها، بوجود مجموعة من العرابين والتجار والسماسرة الذين سهلوا لإيران بيع ممتلكات السوريين والاستيلاء عليها، إضافة إلى بعض القوانين والأنظمة التي أصدرها النظام عن طريق شركات قابضة وإنشاء شركات ومجمعات، والاتفاقيات التجارية ما بين غرفة تجارة وصناعة دمشق والغرف التجارية في إيران، كل ذلك سهل لإيران الهيمنة الاقتصادية، وفق قوله.
ورأى أن إيران مطبقة على النظام من ناحية الوجود العسكري وحتى من ناحية قطاع الأمن الذي يعتبر مصدر القوة للنظام، وهناك هيمنة دينية من خلال نشر المذهب الشيعي في سوريا على نطاق واسع، إضافة إلى الهيمنة عن طريق الجمعيات الإغاثية والتعاونية، وغزو المجتمع السوري بسبب الحاجة المادية لسلال الإغاثة، يضاف إليها البعثات العلمية والتنويرية التي يقومون بها من خلال إرسال السوريين إلى إيران، فهناك هيمنة كاملة على المجتمع السوري.
وبيّن أن إيران تعتبر الداعم الأساسي للنظام بحربه ضد الشعب السوري، فهي التي تمده بالنفط، والنظام حاليا لا قدرة له على تسديد الديون المترتبة عليه لإيران، ولذلك علاقته بإيران علاقة استراتيجية من كل النواحي.، ولا يمكنه رفض أي طلب لإيران كونها المدد الوحيد له من الناحية المادية والاقتصادية وخاصة فيما يتعلق بالنفط والغاز، وفق وجهة نظره.
يشار إلى أن إيران بدأت تكثف من تحركاتها في سوريا عقب زيارة الروس لدمشق في وقت سابق من العام 2020، كونها تركز على الجانب الاقتصادي وجانب الاستثمارات التي تسعى روسيا لإنجازها في سوريا، متجاهلة هي وحكومة النظام أي دور لإيران في سوريا.
وفي العام نفسه 2020، أعلن المستشار العسكري للمرشد الأعلى لإيران ورئيس ميليشيا الحرس الثوري الإيراني سابقا، اللواء “يحيى رحيم صفوي”، وفي تصريحات صادمة، أن التدخل الإيراني في سوريا لم يكن مجانيا، وكذلك في غيرها من المناطق وخاصة العراق.