تفيد الأنباء الواردة من مناطق الشمال السوري وحتى من مناطق سيطرة النظام، بأن الخيام باتت المأوى البديل للمنكوبين والخائفين من الزلازل والهزات الارتدادية.
ورغم بعض التطمينات بأنه لن يكون هناك زلزال مشابه للزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا في الـ 6 من شهر شباط/فبراير الماضي وامتدت آثاره إلى الشمال السوري، إلا أن القاطنين في تلك المناطق ما يزال الخوف والهلع هو سيد الموقف بالنسبة لهم.
وحول ذلك قالت بتول حديد مساعد باحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة لمنصة SY24، إن “الموضوع المتعلق بالخيم يعكس وحدة الحالة السورية بين مناطق الأسد والمحررة، ولكن أسبابه تختلف، لدينا في مناطق سيطرة أسد حكومة غير مبالية بأداء واستجابة معدومة، ومحاولة لسرقة المواطنين المنكوبين بشكل جلي”.
وأضافت، اليوم أي سوري في مناطق النظام يريد العودة إلى منزله في المناطق المنكوبة بالزلزال يجب أن يدفع مليون و200 ألف ليرة سورية للدولة، لترسل مهندسين لكشف حالة المنزل وإن كان ملائماً للسكن دون أي مخاطر ليتمكنوا من إصلاحه.
وأشارت إلى أنه في ظل الفقر والوضع الاقتصادي السيئ، المواطنين اتجهوا الى البقاء في مراكز الإيواء والخيم مع عدم وجود قدرة على دفع إيجار عالي، شراء أو تصليح المنازل.
ولفتت إلى أنه في مناطق الشمال السوري فالأمر أكبر، اليوم ليدنا أساسا مخيمات لفئة السوريين المهجرين ومعدومي الدخل، يضاف إليها فئة المنكوبين من الزلزال.
وتابعت، نحن نتحدث عن آلاف العائلات التي تحتاج إلى سكن بديل، ففي جنديرس وما حولها هناك 6000 عائلة على الأقل تحتاج إلى خيمة، وهو ما أثر على الموجود في السوق ودفع بأسعار الخيم إلى التحليق، حسب وصفها.
وبات من الملاحظ أن الكثير من المواطنين في مناطق النظام باتوا ينزلون إلى الشوارع في ساعات المساء خوفا من هزات ارتدادية، وبعضهم نصب “الشوادر” الكبيرة لإيواء الخائفين، في حين أن عدداً من سكان الشمال نصبوا الخيام أمام منازلهم أو في الأراضي الزراعية لتفادي تهدم منازلهم في حال حصول هزات ارتدادية مفاجئة.
من جانبه، قال شادي العوينة مدير المشاريع في جمعية سيريا كير الماليزية بريف إدلب الغربي لمنصة SY24، إن “هناك خوف كبير لدى الأهالي ونحن نعمل في موضوع تأمين المأوى للمتضررين وحتى الخائفين من الزلزال”.
وبيّن أن كل القرى والمدن تحولت إلى قرى ومدن قماشية، ولا توجد عائلة إلا وتطلب خيمة للمبيت فيها ليلاً، وفق قوله.
أمّا أيمان ظريفة الناشطة في المجال الإنساني فقالت لمنصة SY24، إن “مأساة الزلزال أضافت للسوريين معاناة فوق معاناتهم من جوع وفقر وتهجير، والخيمة التي بنيت على آلامهم اعتقدوا أنها ستكون مؤقتة وهاهي انتصبت لسنوات عديدة وكل يوم يمر أصعب من سابقه عليهم، حيث أنها لا تقي الحر ولا البرد.
وتساءلت بالقول “لا ندري أيقنعون المهجرين في الخيام أن الخيمة آمنة أكثر من برج مشيد؟، أيكمل الشعب المنكوب حياته في ظل خيمة ذريعة النكبات والكوارث الطبيعية؟، أيترك في العراء بسبب تعري ضمائر المسؤولين عن ما يحدث؟، هل نزرع وتد في قلوبهم ليكن شاهد على الظلم الواقع منهم على الشعب المنكوب، ليزيد جراحاً فوق جراحه؟”.
وبلغ عدد اللاجئين العائدين إلى سوريا 34,718 نسمة، باستثناء منطقة تل أبيض، مع تزايد يومي في أعداد الواصلين، إذ تعتبر نسبة كبيرة من الواصلين بحاجة إلى تأمين المأوى والمساعدات الإنسانية بعد فقدانهم ممتلكاتهم في تركيا، حسب فريق “منسقو استجابة سوريا”.
من جانبه، قال المختص بالشأن الطبي والإغاثي في الشمال السوري مأمون سيد عيسى لمنصة SY24، إن “هناك إقبال كبير على موضوع الخيام وسط قلة توفر الخيام بالتزامن مع معاناة الأهالي من البيوت المتصدعة والمنهارة وغير الصالحة للسكن شمال سوريا”.
وذكر أن الخيام باتت مطلوبة بشكل كبير بسبب حالة الخوف من الزلازل، وبالتالي أصبحت الخيمة حلم حقيقي للمواطن السوري، حسب وصفه، مبينا أن هناك صعوبة أيضا في إدخال الخيام من الجانب التركي كون الأتراك بحاجة شديدة إليها نظرا لكارثة الزلزال التي ضربت نحو 10 ولايات وباتت منكوبة.
وتجاوز عدد المتضررين من الزلزال في منطقة شمال غربي سوريا 1,112,743 نسمة، وتشمل المتضررين والنازحين والمجتمعات المضيفة، ومن المتوقع ازدياد عدد المتضررين خلال الفترة القادمة نتيجة الضعف الكبير في عمليات الاستجابة الإنسانية، وفق منسقو استجابة سوريا.
وفي مناطق النظام، فإن المنازل التي طالتها آلة الحرب الأسدية الروسية والقصف المتواصل خلال السنوات السابقة من قوات النظام، تصدعت مع أول الهزات الارتدادية عقب الزلزال المدمر الأخير وخاصة في مدينة حلب، وباتت جميعها آيلة للسقوط إضافة لتصدع وتضرر عدد كبير من المدارس، ما جعل الأهالي لا يأمنون على أنفسهم في تلك الأبنية ويفضلون المبيت في خيمة قماشية بسبب الخوف.