تتصدر أزمة البصل واجهة الأحداث الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام السوري، وذلك بعد وصول أسعاره إلى مستويات قياسية تفوق قدرة المواطن على شراء تلك المادة.
وبات من الملاحظ طوابير المواطنين على أبواب صالات السورية للتجارة التابعة للنظام، وذلك من أجل الحصول على هذه المادة وبسعر مخفض مما هو عليه في الأسواق، حيث يباغ كغ البصل الواحد بسعر أكثر من 13 ألف ليرة سورية.
ولم تكشف حكومة النظام عن الأسباب وراء تلك الأزمة، واكتفت بالادعاء أن السبب هو العقوبات المفروضة على النظام، الأمر الذي كذبته وزارة التجارة الداخلية التابعة للنظام بعد أن اعترفت بأنها استوردت قبل أسبوع 2000 طن، دون أن تذكر مصدر الشحنة التي قالت إنها وصلت إلى ميناء طرطوس.
وفي السياق، يواصل النظام تجاهل تلك الأزمة كما يواصل استفزاز المواطنين في مناطق سيطرته، إذ أعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أنه يستطيع كل مواطن شراء كغ واحد من البصل، للبطاقة الواحدة كل أسبوع، وسيتم طرح عدد آخر من المواد بنفس الطريقة بالتزامن مع شهر رمضان المبارك، الأمر الذي أثار سخط كثيرين.
وعلى الفور رد القاطنون في مناطق النظام وعبر منصات التواصل الاجتماعي على هذا الاستفزاز خاصة وأن توزيع البصل أصبح على البطاقة الذكية، بوصف حكومة النظام بأنها “حكومة البصل”، مضيفين “الناس وصلت للمريح ونحن نفكر بالبصل”.
وردّ آخرون بالقول “لقد أشغلوا المواطن بواحد كغ بصل وأنسوه الكارثة التي هو فيها، حيث أصبح الكثير منهم بلا مأوى ولا كساء ولا غذاء، ومعوناته تختفي في ظروف غامضة”.
وحول تلك الأزمة قالت بتول حديد مساعد باحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة لمنصة SY24، إن “النظام لا يتردد في إظهار مظلوميته حتى لو كانت عبر الضغط على السوريين، وسحب المادة من الأسواق”، مضيفة أنه قبل يومين وصل سعر البصل إلى 18 ألف ليرة سورية، وبالتالي حتى الفقير الذي كان يكتفي بخبزة وبصلة كوجبة غذاء له بات اليوم غير قادر على شراء البصل.
وأوضحت أنه على فرض راتب الموظف اليوم 150 ألف ليرة سورية، فلن يتمكن من شراء أكثر من 8.5 كيلو بصل، مبينة أن محاولة النظام السوري ربط السلع الأساسية بالعقوبات، هي محاولة يائسة لن تلقى أي آذانٍ صاغية من أمريكا أو من صانع القرار في الملف السوري، بل فقط ستزيد من مأساة السوريين في مناطق النظام، حسب تعبيرها.
وتتوالى ردود الأفعال منذ أزمة البصل قبل شهر من الآن، والذي كانت أسعاره في العام الماضي لا يتخطى الـ 1000 ليرة سورية للكلغ الواحد، مستنكرة الحال الذي وصل إليه السوريون في مناطق النظام.
وحاول النظام امتصاص غضب الشارع من أزمة البصل، من خلال وزارة التجارة التابعة له، والتي أفادت في بيان لها أنه “في كل مرة تطرح وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مواداُ بأسعار منخفضة عبر السورية للتجارة، تسارع بعض الصفحات الصفراء إلى اتهام صالاتنا ببيع تلك المادة إلى أصدقائهم أو إلى تجار، ولذلك طرحناها بموجب البطاقة الذكية منعاً لأي تلاعب ولكي يستطيع كل من يريد شراء المادة، وهي لا تحتاج إلى تسجيل ولا إلى رسالة، وكل ما عليه أن يصطحب المواطن بطاقته ويذهب إلى صالات السورية للتجارة التي تبيع الخضار ويشتري البصل فقط بإبراز بطاقته”، ما زاد من حدة الهجوم ضدها من قبل المواطنين.
وتؤكد مصادر مهتمة بالاقتصاد السوري أن وراء تلك الأزمة “تجار الأزمات”، الذين يحتكرون تلك المادة كما احتكروا سابقا السكر والزيت وغيرها من السلع الغذائية الرئيسية، لافتين إلى أن هناك صفقات استيراد أو تصدير بصل، يقف خلها تجار ومتنفذون مدعومون من أمن النظام هدفهم طرح المادة في الأسواق وقبيل شهر رمضان وبأسعار مرتفعة جدا لتحقيق المزيد من الأرباح.