تضييق أمني كبير وتفتيش طال النساء، عند أحد الحواجز العسكرية التابع لاستخبارات النظام بمدينة دوما في الغوطة الشرقية، خلال الأيام القليلة الماضية، إذ بدأ التشديد على الأهالي والمارة وخاصة القادمين إلى داخل مدينة دوما، حسب ما أفاد به مراسلنا في المنطقة.
وقال المراسل إن “عناصر الحاجز العسكري، يقومون بتفتيش دقيق للركاب، بعد إنزالهم من المركبات سواء السيارات الخاصة، أوسرافيس النقل العامة، بما فيهم النساء وكبار السن وذلك بطريقة مهينة، ما أدى إلى إثارة حالة واسعة من الغضب في المنطقة”.
وفي التفاصيل التي ذكرها المراسل، أكد أنه يوم أمس طلب أحد العناصر تفتيش النساء بشكل فردي أي بذات الطريقة التي يتم فيها تفتيش الرجال، فمنعه أحد الركاب لما في الأمر من انتهاك لحرمة وخصوصية النساء، فقام العناصر بضربه واعتقاله على الفور.
وتظهر صور ملتقطة بعدسة مراسلنا، الحاجز المذكور، الواقع على طريق (دوما- مسرابا) وتحديداً عند مدخل البلدة “مدخل البلدة” إذ يتبع الحاجز لفرع أمن الدولة، والفرقة الرابعة.
في حين لم تتوقف الانتهاكات التي يعيشها المدنيين في مختلف مدن وبلدات الغوطة الشرقية على ممارسة حواجز النظام العسكرية، بل إن معظم الأهالي يعيشون معاناة كبيرة في جميع القطاعات الخدمية والصحية والتعليمية.
وذكر مراسلنا هناك، أن “المنطقة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، فلا يوجد فيها كهرباء ولا مياه شرب صحية، ولا غاز منزلي، ولا حتى محروقات للتدفئة، حيث تجتمع كل تلك الأزمات على المواطنين، في ظل الظروف الاقتصادية المتردية، وانهيار قيمة الليرة السورية، وارتفاع الأسعار، وندرة فرص العمل”.
وفيما يتعلق بالكهرباء، أكد المراسل، أن ساعات القطع تتجاوز عشرين ساعة يومياً، مقابل نصف ساعة وصل فقط، وفي بعض المناطق والقرى مثل (بيت سوى، ومديرا، والريحان) قد يمر ثلاثة أيام دون أن يتم وصل الكهرباء ولا حتى عشر دقائق.
وأضاف أن هذه الحال المزرية، دفعت الأهالي إلى التذمر والاستياء، من الوضع الراهن الذي وصلوا إليه في ظل سيطرة النظام والميليشيات المحلية والإيرانية التابعة له على المنطقة، خاصة أنهم أمضوا فصل الشتاء بلا كهرباء ودون مواد تدفئة ولا محروقات، ولاسيما مع انخفاض كبير في درجات الحرارة.
فيما عادت أزمة المياه إلى الواجهة، والتي تعد من أبرز مقومات الحياة واحتياجات الأسر، ولاسيما مع اقتراب شهر رمضان وفصل الربيع، وحاجة الأسر إلى التعزيل والتنظيف كما جرت العادة، ما تسبب في اعتماد عدد كبير منهم على شراء المياه من الصهاريج وبأسعار مرتفعة إذ وصل سعر تعبئة خزان مياه بسعة 5 براميل إلى أكثر من 30 ألف ليرة، وهو يكفي بضعة أيام فحسب، أي أن الأسرة تحتاج إلى تعبئة خزاناتها كل أسبوع تقريباً وهو مبلغ يعادل راتب موظف شهري، ناهيك عن باقي حاجات الأسرة كالطعام والأدوية ومصاريف التعليم.
إذ لم تتوقف الأوضاع عند هذا الحد، بل حسب ما أكده الأهالي لمراسلنا، فإن الأهالي باتوا يخافون على أطفالهم من الذهاب إلى المدارس، بسبب انتشار الأمراض المعدية، والخوف من انتقالها إليهم، بسبب عجز الأهالي عن الاستحمام كما يجب، حيث تبقى بعض العوائل بلا استحمام لمدة تتجاوز عشرة أيام بسبب انقطاع الكهرباء وشح المياه وارتفاع أسعار أسطوانة الغاز.
لخص “أبو رأفت” وهو أحد أبناء الغوطة الشرقية الوضع في حديثه إلى مراسلنا، أن الحال الذي يعيشه الأهالي في المنطقة، لا يقارن بأي بلد في العالم، ويعد الأسوء معيشياً على وجه الأرض”.
وقال حرفياً: إن “للموت طرق كثيرة بطيئة وسريعة، الناس ماتوا بالزلزال عالسريع، ونحنا عم نموت باليوم ألف موتة عالبطيء” وأضاف ” نحن من قبل الزلزال عايشين من قلة الموت، عايشين لننتظر بس الكهرباء والمي والمازوت والبنزين وغيرو، شبابنا راح ونحنا عم نستنى نعيش متل البشر!”.
“أبو رأفت” واحد من آلاف المواطنين الذين يعيشون ظروفاً مأساوية على جميع النواحي، مؤكداً أن العيش على البطاقة الذكية أصبح لايطاق، وبات يخشى أن يتم تعليب الهواء وبيعه على البطاقة للمواطنين لأنه الوحيد الذي يتنفسونه بالمجان، ودون انتظار وقت طويل للحصول عليه كباقي الحاجات الضرورية الأخرى.
من سيء إلى أسوء، هكذا يمضي أهالي الغوطة الشرقية أيامهم وسط تضيق أمني وشح اقتصادي، وافتقار لمعظم مستلزمات الحياة، وتحكم الميليشيات وعناصر النظام بهم، وسط إهمال كبير ومتعمد من قبل الحكومة والمؤسسات الخدمية لهذه المنطقة، كانتقام منها نتيجة صمودها و خروجها عن سيطرته للعديد من السنوات.