حذر أهالي ريف ديرالزور، الخاضع لسيطرة قوات النظام والميليشيات المسلحة الموالية له وأيضاً في المناطق التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية”، من استمرار انخفاض منسوب نهر الفرات وانعدام الهطولات المطرية على المنطقة، والتي أثرت بشكل مباشر على حياة السكان و محاصيلهم الزراعية وخاصةً تلك التي تعتمد بشكل مباشر على الأمطار في الري، الأمر الذي قد يكبد المزارعين خسائر مادية كبيرة.
غير أن مشكلة تدني مستوى المياه ليست هي وحدها من يهدد الأراضي والمحاصيل الزراعية في المنطقة، حيث باتت ظاهرة تملح التربة والآبار الجوفية من أخطر الظواهر التي تهدد الأراضي الزراعية والمواشي في المنطقة على المدى القريب والبعيد، وسط تجاهل تام من المسؤولين عن هذه المناطق.
فلاحو ريف ديرالزور أكدوا أن معظم الآبار الجوفية في المنطقة باتت شبه جافة بالرغم من تواجدها بالقرب من السرير النهري، في الوقت الذي تحولت فيه مياه بعض الآبار إلى مياه غير صالحة للشرب أو سقاية المحاصيل الزراعية والمواشي بسبب ارتفاع نسبة الأملاح فيها، لدرجة قد تسبب تلف كامل في المحاصيل وأيضاً قد تؤدي إلى نفوق الماشية والحيوانات البرية.
مراسل منصة SY24 في ديرالزور نقل عن أحد فلاحي بلدة الشميطية بريف المدينة الخاضع لسيطرة النظام، قوله أن “الأراضي الزراعية في البلدة تعرضت لموجة تملح لم تشهدها من قبل مع استمرار منسوب مياه نهر الفرات بالانخفاض، وعدم قيام الجمعيات الفلاحية الموجودة في المنطقة بتأمين المحروقات اللازمة لتشغيل مضخات المياة وسقاية الأراضي، ما قد ينذر بموسم سيء للفلاحين وأصحاب المواشي”، على حد قوله.
وأكد الفلاح، الذي رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن قادة الميلشيات المسلحة في المنطقة قاموا بإغراق الأراضي الزراعية التي استولوا عليها بالمياه بغرض سقايتها في الموسم الصيفي دون تأمين أي قنوات لتصريف المياه الفائضة، ما أدى إلى تملح معظم هذه الأراضي وتحويلها إلى أرض بور غير قابلة للزراعة لأكثر من عشر سنوات، وسط إهمال متعمد من قادة هذه الميليشيات”.
في الوقت الذي اتهم فيه “أبو زياد”، وهو فلاح من أبناء بلدة ذيبان بريف ديرالزور الخاضع لسيطرة “قسد”، اتهم فيه مسؤولي “الإدارة الذاتية” بالتقاعس عن حل مشكلة المياه في مدن وبلدات شمال شرق سوريا عبر “تخفيض كمية المحروقات المدعومة المقدمة للفلاحين وعدم صيانة مضخات الري الكبرى في السرير النهري وقطع التغذية الكهربائية عن معظمها بحجة منع سرقة الكهرباء من قبل الأهالي، وغيرها من الممارسات السلبية التي أثرت بشكل مباشر على الأراضي الزراعية ومحاصيل المزارعين”، على حد قوله.
وفي حديثه مع منصة SY24 قال أبو زياد:” مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في المنطقة تعرضت لظاهرة التملح بالرغم من قربها من السرير النهري للفرات، وهذا قد يشكل خطراً كبيراً على المنطقة عل المدى الطويل فيما يتعلق بالزراعة وتربية المواشي، بالتزامن مع تراجع عدد الآبار الجوفية الموجودة في المنطقة وتحول المياه في بعضها إلى مياه مالحة غير صالحة للشرب او سقاية المحاصيل، ما ينذر بكارثة بيئية خطيرة تبقى آثارها على المنطقة عشرات السنوات”.
وفي سياق متصل، أقامت مؤسسة الشؤون الدينية في “الإدارة الذاتية” صلاة استسقاء في مدينة الرقة بحضور العشرات من أبناء المدينة، وذلك بعد توقف هطول الأمطار عن المنطقة منذ مايقارب الشهر وتراجع منسوب مياه نهر الفرات بشكل كبير، وخاصة بعد الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا والشمال السوري المحرر.
ويشار إلى أن مناطق سيطرة النظام والميليشيات المسلحة الموالية له في ديرالزور تعاني من نقص حاد في المياه، بسبب الإهمال الكبير والمتعمد من قبل مسؤولي النظام في المدينة وعدم قيامهم بصيانة محطات ضخ المياه وتصفيتها بشكل دوري، ناهيك عن امتناع النظام عن توفير المستلزمات الضرورية للفلاحين لتجنب ظاهر تملح التربة، ما قد يعرضهم لخسائر مادية كبيرة قد تضطر البعض لبيع جزء من أراضيه كونها أصبحت غير قابلة للزراعة.
في الوقت الذي تستمر فيه لجان الزراعة والبلدية في “الإدارة الذاتية” بمنع الفلاحين من حفر الآبار الجوفية والارتوازية في أراضيهم الزراعية بغرض سقايتها بحجة الحفاظ على المياه الجوفية، بالرغم من استمرارها بقطع التغذية الكهربائية عن محطات ضخ المياه والامتناع عن صيانتها وخاصةً في ريف ديرالزور وريف الرقة المطل على السرير النهري، وامتناعها عن زيادة كمية المحروقات المخصصة للزراعة مع غلاء كبير في الأسمدة والبذور وغيرها من المستلزمات الضرورية التي يحتاجها الفلاح لإنجاح محصوله الزراعي.