صانع السعادة يجول المخيمات ليرسم الابتسامة على وجوه الأطفال 

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

بلباسه الملون وشعره الأحمر المستعار، يطل الممثل المسرحي “فراس الأحمد” على الأطفال في مناطق عدة شمال غربي سوريا، ليرسم البسمة على وجوههم البريئة، ويسرق من الأطفال بؤس الظروف التي يعيشونها، مانحاً إياهم لحظات من السعادة والفرح، فترتفع أصوات ضحكاتهم، متحدية الواقع السيء الذي يحيط بهم. 

“فراس الأحمد” عاماً 40، ابن مدينة بنش في ريف إدلب، الملقب بالمهرج الصامت، لديه مايعادل أربعة أفلام قصيرة، وثلاث (سكتشات) وعدة مسرحيات في المركز الثقافي. 

 

يخبرنا أن الابتسامة التي تعلو وجوه الأطفال عند رؤيته تشعره بعظمة عمله، وتأثيره على تحسن نفسيتهم، ولاسيما أن جيلاً كاملاً منهم، ولد في الحرب وعاش النزوح والتهجير والتشريد، ولم ينعم بطفولته كباقي الأطفال في العالم. 

كونه أب لأربعة أولاد، يقول إنه يتلقى الدعم والحب منهم ومن عائلته وأهله، بالوقت الذي قد يعترض على نشاطاته بعض الأشخاص وأحيانا يصفوه بالجنون، إلا أنه حين يرى ضحكات الأطفال، وبشعر بحبهم له ينسى كل الأقاويل، ويشعر بالفخر. 

يقول “فراس” في حديث خاص لمراسلتنا، إنه بشكل شبه يومي، يستقل دراجته النارية لعدم امتلاكه وسيلة نقل أخرى، وينطلق برفقة صديقه “محمد العيسى” 25 عام، وهو مسرحي أيضاً، ومعلق صوتي، يعمل على تقليد الأصوات بتقمص شخصيات كرتونية محببة للأطفال، وهو طالب جامعي في قسم الجغرافية، إذ يشكلان معاً ثنائياً منذ خمس سنوات، يذهبان إلى المخيمات ومراكز الإيواء والمدارس، حيث يوجد عدد من الأطفال، يقدمون العروض المسرحية بشكل تطوعي، لرسم البهجة على وجوه الأطفال، ومنذ يوم الزلزال زاروا مايقارب عشرين مخيم حديث الإنشاء، متوزعة في عدة مناطق منها سلقين جنديرس وادلب ومعرة مصرين ودارة عزة. 

يخبرنا “فراس”، أن عملهم مجاني بالكامل وتطوعي، نابع من حبهم للأطفال، وإحساسهم بالمسؤولية اتجاههم في خلق نشاطات ترفيهية تساعدهم على الخروج من الحالة النفسية التي يعيشونها، ولاسيما بعد كارثة الزلزال، والتي أثرت بشكل مباشر على الأطفال، وزادت من رعبهم وخوفهم، ومنهم من دخل بصدمة نفسية، ظهرت على سلوكه وعزلته، وخوفه من أي شيء، كما لاحظناه عند عدد كبير منهم، كما أنه يعمل حالياً كمتطوع في مدرسة “خطوة أمل” لذوي الأطراف المبتورة. 

يقول: “في بعض الأحيان، يقوم عدد من المنظمات التي تعنى بتقديم نشاطات ترفيهية للأطفال، بتواصل معنا، لحضور حفل صغير، أو نشاط مسرحي، ونقوم بتقديم تلك العروض بشكل تطوعي أيضا، فيما تتكفل المنظمة بشراء الهدايا والألعاب للأطفال” . 

يضيف فراس “نحن نستهدف المخيمات، ومراكز الأيتام ورياض الأطفال، والمدارس، ومراكز ذوي الإحتياجات الخاصة، وحالياً نركز على مراكز الإيواء الجماعية الفردية، لإظهار البسمة على وجوه المنكوبين والنازحين والمهجرين الذين تركوا منازلهم جراء الزلزال”. 

لم يقتصر عمل “فراس” على الجانب الترفيهي للأطفال، بل أخبرنا أنه عقب كارثة الزلزال، عمل في الجانب الإغاثي للمنكوبين، وساهم في توزيع السلل الإغاثية، والمساعدات على العوائل المتضررة، ثم بعد عدة أسابيع استعاد الثنائي عمله في تقديم نشاطات الدعم النفسي والتوعية الصحية للأطفال، ثم تقديم الأنشطة الترفيهية بلباس المهرج، ولباس الدمى، ومسرح الدمى. 

يقول إن “هذه الأعمال التطوعية هي مساهمة بسيطة منهما يقدمانها للأطفال الصغار، الذين أصابهم رعب وخوف وهلع، لإخراجهم من جو الحزن إلى جو الفرح”. 

 

يلقب “فراس” اليوم بصانع السعادة، وراسم الابتسامة، وصديق الأطفال، يثير بلباسه الملون وأنفه المصبوغ بالأحمر ضحكات الأطفال، وينقلهم  إلى عالم الفرح والبهجة في مبادرة فريدة من نوعها في مناطق الشمال السوري. 

مقالات ذات صلة