أجمع عدد من المهتمين بملف الانتهاكات الإيرانية، على أن إيران وميليشياتها تحاول التوسع في المنطقة الشرقية لما لتلك المنطقة من أهمية استراتيجية بالنسبة لها.
وحسب تقارير غربية، فإن المنطقة الشرقية مهمة للميليشيات الإيرانية لاعتبارات تتعلق بتهريب المخدرات إلى العراق والمناطق الخاضعة لسيطرة من قوات سوريا الديمقراطية، حيث يتم تهريب المخدرات عبر معابر نهر الفرات، ثم تبيع الميليشيات المخدرات لتجار محليين في مناطق نفوذ قوات قسد.
وفي هذا الصدد، قال مضر الأسعد المنسق العام للمجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية لمنصة SY24، إن “إيران أنشأت مستوطنات لها على سرير نهر الفرات وصولا إلى مدينة حلب، من أجل السيطرة على المنطقة وبات قسم منها مزارات دينية وأخرى قواعد عسكرية، وبالتالي من يسيطر على المنطقة الشرقية يسيطر على سوريا، فهي ممر عبور للوصول إلى حلب وإلى البحر المتوسط وهو ما تسعى إليه إيران حتى يكون ميناء لها ومتنفس لها”.
وأوضح أن هناك 3 أسباب تجعل المنطقة مهمة لإيران، أولها أن المنطقة هي دولة بحد ذاتها اقتصاديا وبشريا واستراتيجيا، فهي غنية بالنفط والغاز والملح والثروات الباطنية والزراعية والحيوانية والمائية، إضافة إلى اتساع مساحتها التي تقدر بحوالي 90 ألف كم مربع، والسبب الثاني وقوع المنطقة على حدود تركيا والعراق، والثالث أن المنطقة تقع جنوب تركيا وإيران تريد لتركيا أن تكون بين فكي كماشة تحدها من كل الجهات للضغط عليها من جنوبها ومن شرقها، والسبب الثالث وجود قوة بشرية في هذه وهذا ما تبحث عنه ايران لتشكيل الميليشيات، حسب تعبيره.
ووفقاً للتقارير الغربية، فإن إيران تحرص على استخدام البادية السورية لأهميتها الاستراتيجية، حيث تربط شرق البلاد بالغرب، مشيرة إلى أن مناطق نفوذ المليشيات الإيرانية في محافظة حمص ومناطقها الصحراوية على وجه الخصوص شهدت تحركات عسكرية مكثفة حيث وصلت تعزيزات لميليشيا حزب الله اللبناني إلى بلدة مهين بريف حمص الشرقي في البادية السورية.
كما نقلت الميليشيات كميات من الأسلحة والصواريخ من مقراتها في ريف حمص الشرقي إلى قرية خطاب قرب حماة، تحسبا لاستهدافها من قبل إسرائيل، مع نقل الأسلحة إلى أماكن محصنة قرب القرية، يضاف إلى ذلك أن ميليشيا لواء فاطميون الأفغاني نقلت عددًا من الطائرات المسيرة من عدة مواقع حول مدينة تدمر في البادية إلى قاعدة تدمر الجوية شرقي حمص.
وأكدت أن الميليشيات الإيرانية تواصل هذا التحرك المكثف في شرق ووسط سوريا، لإبقاء المنطقة في حالة اضطراب أمني، وإعاقة أي تنمية أو فرص عمل، وجعل الشباب هناك يواجه خيار التجويع أو الانضمام إلى صفوف هذه الميليشيات.
من جانبه، قال وائل علوان الباحث في مركز جسور للدراسات لمنصة SY24، إن “الاهتمام بالمنطقة الشرقية هو اهتمام استراتيجي، فخط الإمداد البري ما بين (طهران بغداد سوريا بيروت) هو شريان حياة للنفوذ الإيراني إلى البحر المتوسط وإلى هذا الهلال، الذي يشكل أهم المشاريع الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط”.
وبيّن أن نقل المقاتلين والسلاح والعتاد والذخيرة يحتاج تأمين خطوط الإمداد وخطوط النقل الجوية والبرية والبحرية، ولكن الخطوط البرية أسهلها وأقلها كلفة، وبالتالي تعمل إيران على الاستفادة من كافة الخطوط التي لديها.
واعتبر أن وجود القواعد الامريكية وقسد شمالي نهر الفرات ووجود منطقة الـ 55 والقاعدة الأمريكية في التنف، يجعل خط الامداد البري الإيراني في حالة مراقبة عسكرية مستمرة، حيث تم ضرب خطوط إمداد إيران في أكثر من مرة.
ولفت إلى أن إيران تحتاج أن تضمن وجوداً استراتيجياً لها شرقي سوريا بأدوات التكتيك التي لديها، من خلال نشر التشييع وشراء الولاءات، وقد نجحت بشكل كبير في مناطق النظام وتحاول النجاح بمناطق قسد وتحاول التوسع في الحسكة والرقة، وتريد أن يكون هناك ضغط على القوات الأمريكية وتريد أن تكون هناك بيئة مناسبة مستقبلا لتشكيل ضغط على القوات الأمريكية، بحيث تتحرك بسهولة من العراق إلى سوريا علما أنها مسيطرة أمنياً وبشكل كبير على العراق وتريد أن يمتد المشروع إلى سوريا، لذا هذا يحتاج إلى تأمين الخط البري بشكل كبير، وفق وجهة نظره.
يذكر أنه في وقت سابق من العام 2021، نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، تقريرا أكدت فيه أن رأس النظام السوري بشار الأسد، أتاح لإيران التحكم في الشؤون الداخلية لسوريا، بما في ذلك نشر “التشيّع”.
وأوضح التقرير أن المقاربة الإيرانية في سوريا، تنطوي على استراتيجية مختلفة في تعامل النظام مع روسيا، حيث تطمح طهران إلى إيجاد جيل جديد من الشباب يدين بالولاء لإيران، وفي مرحلة من المراحل ستطالب طهران بإعطاء هؤلاء “حقوقا ومناصب في الدولة السورية”.