مئات الأطفال خرجوا يوم أمس في مدينة إدلب، لإحياء الذكرى الثانية عشرة للثورة السورية، مرددين شعارات الحرية والكرامة، متزينين بألوان علم الثورة، ورصدت عدسة SY24 مشاركة واسعة للأطفال منهم من كان بصحبة ذويه، ومنهم من خرج مع رفاق المدرسة، ليشاركوا الكبار احتفالهم.
كيف لا، وقد كان الأطفال منذ الأيام الأولى الشرارة التي أشعلت الثورة قبل 12 عام، وكان لهم نصيب من الاعتقال والتعذيب والقتل والقصف والنزوح والتهجير ككافة مكونات المجتمع السوري.
اصطحب “أبو خالد” 38 عام، مهجر من ريف دمشق، أولاده الثلاثة إلى ساحة السبع بحرات في إدلب، للمشاركة بعيد الثورة كما أسماه، وهتفوا مع عشرات الأطفال شعارات مناهضة لحكم النظام، مطالبين بالحرية للمعتقلين، وعودة المهجرين، والرحمة للشهداء، يقول “أبو خالد” في حديث خاص لمراسلتنا: إن” أولاده الثلاثة ولدوا في الثورة، وعاشوا أقسى أيام طفولتهم في القصف والحرب، ثم عانوا ويلات الحصار على يد النظام، وتهجروا أيضاً منذ سبع سنوات، من بلدتهم في ريف دمشق، أي أنهم عاشوا كل مراحل القهر والعذاب وهم في مرحلة الطفولة”.
حيث أكمل خالد عمره 13 قبل أشهر، فيما أصبح عمر أخويه التوأم 9 سنوات، يخبرنا والدهم أنه حريص على مشاركة أبناءه في جميع مظاهر الثورة، وأنه بشكل مستمر يروي لهم ماحدث خلال السنوات الماضية، وكيف بدأت شرارة الثورة، ولماذا هم مهجرون من ريف دمشق وبعيدون عن بيتهم ومدينتهم كحال مئات آلاف السوريين من جميع المحافظات والمناطق السورية.
يقول: “إن تاريخ الثورة أمانة في أعناقنا نحن الكبار، ويجب أن نوصل الأمانة لأطفالنا، وللجيل القادم،
حتى لا تموت مطالبنا، ولا تذهب تضحيات ملايين السوريين هباء، ولاسيما أن العالم كله خذلنا وليس لثورتنا سوى الله ثم أبناء هذا الجيل القادم”.
كذلك اصطحبت “سلام” 33 عام، معلمة مقيمة في مدينة إدلب، مهجرة من مدينة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي، بناتها الصغار للمشاركة في المظاهرة، تقول لنا:” ينتظر أطفالي هذا اليوم في كل عام للمشاركة معي في الاحتفال، و يحملون بأيديهم الصغيرة أعلام الثورة، يرددون أناشيدها ويهتفون مع الكبار للحرية”.
تخبرنا ” سلام” أنها منذ الصباح جهزت نفسها وابنتيها، للذهاب إلى ساحة المدينة والالتحاق بآلاف الأهالي، الذين تجمعواللاحتفال بذكرى الثورة المباركة، رغم سنوات القهر والحرب والخوف التي عاشوها إلا أنهم لم يندموا يوماً على مشاركتهم في الثورة، تقول: “ها نحن اليوم نعلم أطفالنا معنى الحرية والكرامة”.
حمزة الخطيب، وإيلان كردي، والطفل عمران، وأطفال الدكتورة رانيا العباسي الستة، الذين اعتقلوا منذ سنوات وتكتم النظام السوري عن مصيرهم، وكذلك عشرات الآلاف من الأطفال السوريين، أصبحوا رمزاً للمأساة السورية، وطالهم بطش النظام وعاشوا أقسى أيام طفولتهم في الحرب والقصف، ثم ذاقوا ويلات النزوح والتهجير والغربة واللجوء، منهم من مات في ظل تلك الظروف القاسية، ومنهم من أصبح يحلم بحياة آمنة بعيدة عن الخوف والرعب وأصوات الرصاص.
كما اعتقلت أجهزة النظام الأمنية آلاف الأطفال، بل نكلت بهم، وأذاقتهم أقسى أنواع التعذيب، بدءاً من أطفال مدينة درعا، مروراً بأطفال مضايا، الذين كانوا فريسة الحصار الجوع، وصولاً إلى آلاف الأطفال في جميع المحافظات، الذين اعتقلوا وعذبوا وقتلوا على يد النظام السوري والميليشيات الحليفة له.
وإلى اليوم يقبع في السجون ما لا يقل عن 154817 شخصاً، بينهم 5199 طفلاً و10169 سيدة (أنثى بالغة) لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، منهم 135253 بينهم 3691 طفلاً، و8473 سيدة على يد قوات النظام السوري حسب آخر تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، وعرض التقرير رسوماً بيانية أظهرت المؤشر التراكمي لهذه الحصيلة وتوزعها بحسب السنوات منذ آذار 2011 وحتى اليوم.
كذلك كشف التقرير الصادر يوم أمس في ذكرى الثورة، والذي اطلعت منصة SY24 على نسخة منه، مقتل ما لا يقل 201055 بينهم 22981 طفلاً،و11976 سيدة على يد قوات النظام السوري، فيما قتلت القوات الروسية 6950 بينهم 2048 طفلاً، و977 سيدة، وقتل تنظيم داعش 5054 بينهم 958 طفلاً، و587 سيدة.