بين خيوط الصوف الملونة، و”السنارة” الصغيرة، والقطع الفنية المتناثرة بطريقة ملفتة، في ركن خاص من منزلها، أشبه بلوحة فنية تشكيلية، وجدت الشابة “آمنة حميدي” 24 عام، نفسها قادرة على الإنتاج والإبداع والعمل، من على كرسيها المتحرك، بعدما أفقدها مرض الشلل الدماغي قدرتها على المشي، منذ الولادة.
“آمنة” ابنة بلدة “إسقاط” في ريف إدلب، تغلبت على مرضها وكسرت عزلتها بتعلمها مهنة حياكة الصوف والنسيج، وأتقنت عملها منذ ما يقارب الخمس سنوات،
بعدما ما توقفت دراستها عند المرحلة الابتدائية، ووجدت نفسها بحاجة إلى ملء أوقات الفراغ، واستثمار حبها للعمل والإنتاج بشتى الطرق، متحدية جميع الظروف التي تعيشها.
تقول “آمنة” في حديث خاص لمراسلتنا: إنها “تعلمت المهنة في منزلهم من والدتها، بسبب إصرارها على التعلم واكتساب الخبرات، والإبداع في فن الصوف وحياكة قطع الملابس الجميلة وخاصة ملابس الأطفال، وقطع الزينة”.
شاركت الشابة العشرينية في عدة معارض فنية، تهتم بالمنتجات اليدوية وكان لها حضوراً لافتاً في عدد القطع التي أنتجتها، وحظيت بإعجاب الزبائن وزوار المعرض الذين أشادوا بتميز عملها، وإتقان القطع المصنوعة بكل حب حسب ما أخبرتنا، تقول :”لا أصنع أي قطعة بشكل عادي، بل تأخذ من وقتي واهتمامي، وحرصي على أن تكون بأبهى شكل، ولكل قطعة أحيكها، قصة وذكرى”.
وأضافت، أن المعرض الأول الذي شاركت فيه كان منذ ثلاث سنوات، برعاية جمعية “نبع الحياة”، ثم شاركت في المعرض الثاني في مركز تأهيل المرأة والطفل العام الماضي، ثم كانت لها مشاركة مميزة في معرض “زوم إن” العام الماضي، وجميع تلك المشاركات تركت انطباعاً إيجابياً ومحفزاً قوياً لباقي النساء والفتيات اللواتي يعانين من أمراض مختلفة أو ظروف خاصة لمتابعة حياتهم وتحدي جميع العقبات كما فعلت الشابة الطموحة “آمنة”.
تقول لنا في ختام حديثها معنا: “رسالتي لذوي الهمم أن يساعدوا بعضهم البعض، ويعملوا بيد واحدة، من خلال تأسيس مشاريع مشتركة مناسبة لنا، تنمي طموحنا، وتبني مستقبلنا، ونكون أصحاب عزائم، لانرضى الهزائم”.
ووجهت الشابة من خلال لقائها، رسالة إلى العالم والمحيط الخارجي الذين ينظر إلى “ذوي الهمم” كما أسمتهم بأنهم ليسوا ذوي احتياجات خاصة، بل هم أصحاب همم عالية، رافضة أي يلقب متداول يشعرهم بالعجز.
تخبرنا أن العائلة والمجتمع هما الداعم الأول لكل شخص، وعليهما تتوقف تنمية المهارات وتحقيق النجاحات، فطالما نعيش في مجتمع لا يسأل عنا، ولا عن احتياجاتنا أو مشاعرنا فنحن أمام مشكلة كبيرة، ستعود على جميع شرائح المجتمع بالنتائج السلبية، موجهة رسالة شكر ودعم لعائلتها ووالدتها التي دعمتها بشكل كبير، وساعدتها في إثبات ذاتها، ونمت مهاراتها في إحدى المهن اليدوية الجميلة، لتكون “آمنة” اليوم مثالاً يحتذى للمرأة السورية القوية، التي تتحدى جميع ظروفها الصعبة وتحول المحنة إلى منحة.