يحتفل السوريون اليوم الثلاثاء، داخل سوريا وخارجها بـ “عيد الأم”، بالتزامن مع الاحتفال أيضا بمرور 12 عاما على ذكرى انطلاقة الثورة السورية في آذار/مارس 2011.
وفي هذه المناسبة التي تأتي في الـ 21 من آذار/مارس من كل عام، رصدت منصة SY24 آراء عدد من الأمهات السوريات ومن الناشطين والناشطات حول “ماذا يعني عيد الأم بالنسبة للسوريين؟”.
وقالت “بتول حديد” مساعد باحث في مركز حرمون لمنصة SY24، إن “عيد الأم والسوريون في الشتات هو عيد نستالوجي، يعتصر أرواح الأمهات والأبناء بعد سنوات من الاعتقال والقتل، والنزوح والتهجير، ففي العائلة الواحدة ستنظر الأم الباقية في هيكل المنزل الفارغ إلى صور أبنائها الذين قتلوا أو استشهدوا على يد النظام السوري، وتحاول التأكد من أن هاتفها متصل بالشبكة وتتأكد من شحنه كل خمس دقائق وتترقب أن يبدأ بالرنين لتسمع أصوات أبنائها المتناثرين في الشتات، وتبكي بعد إغلاق الهاتف وهي تسمع كلمة (يا ست الحبايب)”.
وأضافت “طبعاً هذا حال النساء الأكثر حظاً في هذه الحرب، فعلى أطراف البلاد لا مساحة لعيد الام إلا الحنين لمنزل وحارة وصدر حنون لأم بعيدة، حنين يختنق ببرد كيس الخيمة”.
وباتت الأم السورية بسبب ظروف الحرب التي تسبب بها النظام السوري والداعمون له روسيا وإيران، بين لاجئة ومهجرة ومعتقلة، إضافة إلى تواجد الكثير من الأمهات النازحات اليوم في مخيمات النزوح في الداخل السوري.
وهنا تابعت بتول حديد قائلة “النساء السوريات، هن الحلقة الأقوى والأمتن في مأساتنا، حاملات الأسى اللواتي فقدن أمانهن، بيوتهن، أبناءهن وحياتهن، أمهاتنا اللواتي سندن أبناءهن على الجبهات، من تحملن همّ اللجوء وبرد الخيام”.
وبات يُضرب المثل بـ “الأم السورية” التي صَبرت وما تزال على كل الهموم والمصاعب، وخاصة أنها باتت تحمل على عاتقها حملاً كبيراً بعد فقدان الزوج أو الأب أو المعيل، لتشق طريقها وحدها مصممة على الاستمرار في تحدٍ لا مثيل له.
الناشطة الإنسانية “إيمان ظريفي” قالت لمنصة SY24، إن “عيد الأم بالنسبة للسوريين اليوم هو عيد الألم والأمل، عيد الفقد والتضحية، إنه ليس بعيد بل رمز سورية الحرة”.
ووجّهت “ظريفي” بهذه المناسبة رسالة لكل الأمهات، قالت فيها: “كل الحب لكل أم وخصوصا الأم السورية، ومن أعظم منها تلك التي تهز العالم بتضحياتها، وقفت في وجه الظلم والعدوان وكانت في مقدمة من شاركوا في معركة النضال ودفعت ثمناً كبيراً.. الحب لأمي ولأمهات العالم أجمع”.
وفي هذا اليوم، تتذكر النساء المعتقلات واللواتي غالبيتهن من الأمهات، تتذكر ما مررن به خلال فترات الاعتقال أو حتى بعد خروجهن من المعتقل، ويحاولن قدر المستطاع حبس دموعهن ومنعها من الانهمار حسرة ولوعة على فقد الأهل والأحبة.
الناشطة والمعتقلة السابقة “نور الهدى العطار” قالت لمنصة SY24، “من كل قلبي أقول لجميع الأمهات كل عام وأنتن بخير، وأواسي أمهات المعتقلين والمختفين والشهداء، وأقول لهن إن الجنة خلقت لأجلكن ولأجل أولادكن الصابرين المحتسبين عند الله، قلوبنا معكن ودعاؤنا لكن ولا بارك الله بمن كان السبب في مأسيكن وفقدانكن لأحبتكن.. الألم واحد لنا جميعا وعلينا أن نستمر بجهادنا حتى يأخذ كل مظلوم حقه من الطاغية الظالم”.
وتؤكد التقارير الدولية والأممية، أن العنف المستمر وانعدام الأمن في سوريا أدى إلى نزوح ملايين السوريين داخليًا، وفي خضم الحرمان وعدم اليقين المصاحبان للنزوح، فإن الأمهات السوريات يعتمدن على أي نوع من الدعم من أجل تغطية الاحتياجات الأساسية لأطفالهن في حين يتطلعن لمستقبل أفضل.
ولا يختلف الحال بالنسبة للناشط في المجال الإغاثي “يوسف القاسمي”، الذي عبّر عن اشتياقه لوالدته وهو في بلاد اللجوء، الذي قال لمنصة SY24، إن “الأم السورية هي رمز للعفة ونبع للصبر، فالأم السورية ضحت كثيراً وليس فقط بمشاعرها، فبعض الأمهات ضحت بحياتها وعانت سواء في المعتقلات أو خارجها”.
وأضاف “كم من أم سورية هي الآن في سجون النظام، تُظلم وتعذب، وكم من أم تبكي شوقاً وقهراً على أبنائها المفقودين في السجون، وكم أم تبكي حرقةً على أبنائها الذين قتلوا أمامها.. نتمنى أن يفرج الله على جميع الأمهات وأن يعيد عليهم عيدهم بكل خبر مفرح وانتهاء لأوجاعهم وأحزانهم”.
ووسط كل ذلك تبقى آمال الأمهات السوريات داخل سوريا أو خارجها، بأن يكون الغد أفضل لأبنائهن على وجه الخصوص، وأن يعم السلام في سوريا في أقرب وقت وقت ممكن.