تزامناً مع قدوم شهر رمضان، شهدت الأسواق في الداخل السوري ارتفاعاً واضحاً في الأسعار، ولاسيما الخضار والفواكه واللحوم الحمراء والبيضاء والبيض، فضلاً عن غلاء الحليب والألبان والأجبان ومشتقاتها، إذ تعد هذه الأصناف وجبات رئيسية على مائدة سحور لدى معظم العائلات السورية.
ومع ارتفاع الأسعار، أصبحت لقمة العيش هاجساً يقلق معظم العوائل ولاسيما ذات الدخل المحدود وعمال المياومة، الذين يعتمدون على شراء كميات قليلة جداً من أصناف الطعام.
بالعودة إلى “أبو محمد” من سكان جسر الشغور، يعمل في صنع وتحضير مختلف أصناف المونة “البيتية” وبيعها بسعر مناسب حسب قوله، يخبرنا أن كثرة الطلب التي سبقت قدوم شهر رمضان، جعلت أسعار الحليب ترتفع وبالتالي ارتفع سعر اللبن والجبن بمختلف أنواعها.
وقال في حديث خاص لمراسلتنا: إن “سعر كيلو الجبن البقري كان قبل أسبوع 55 ليرة اليوم أصبح من 60 _70 ليرة من المصدر، وقد يزداد في المحلات التجارية أيضاً التي تضع نسبة من الربح على قيمة البيع، وكذلك ارتفعت أسعار اللبنة “المصفى”، وسعر جبنة الشلل والشنكليش بمعدل 10 إلى 15 ليرة على الكيلو.
إذ تعتمد شريحة كبيرة من الأهالي في إدلب على مشتقات الحليب من الألبان والأجبان في تحضير وجبة السحور، ما جعل ارتفاع أسعارها يزيد من عبء المصاريف اليومية ولاسيما للعوائل المحدودة الدخل.
يعمل “حسام” في أحد مطاعم الوجبات السريعة في سرمدا، يتقاضى خمسين ليرة أجرة يومية، يقول في حديثه إلينا: إنه “يحتاج عمل أسبوع كامل ليستطيع تأمين وجبة السحور لعدة أيام، ناهيك عن باقي الاحتياجات الآخرة من أجرة منزل ومصاريف المدارس وغيرها”.
كذلك يعاني كثير من عمال المياومة أمثال “حسام” من غلاء المعيشة الذي لا يتناسب مع مستوى أجورهم المتدني، ولا سيما أن شهر رمضان يحتاج مصروفاً مضاعفاً كون الصائم بحاجة إلى أصناف غذائية متنوعة للحفاظ على صحته.
يزداد الأمر سوءاً في مناطق سيطرة النظام، إذ أن ارتفاع الأسعار بدء قبل شهر رمضان بأسابيع، وهو قابل للارتفاع بشكل يومي، وكانت منصة SY24 قد رصدت في تقرير مفصل أسعار بعض الأصناف الغذائية المخصصة لوجبة السحور في مناطق ريف دمشق.
وذكر مراسلنا هناك، أن الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية جعل شريحة كبيرة منهم تتخلى عن شراء تلك الأصناف، والاكتفاء بالقليل الموجود لديهم، فحسب قول من التقيناهم من الأهالي، بات التحضير لوجبة السحور التي اعتادوا عليها في السنوات السابقة من الرفاهيات وليس بمقدور أغلبهم شرائها كالسابق.
منصة SY24 رصدت أسعار عدد من الأصناف الغذائية، وقارنتها بأسعار الشهر الماضي، ولاحظت نسبة الزيادة الكبيرة، إذ أكد أن سعر كيلو اللبنة كان قرابة 11 ألف ليرة، واليوم ارتفع ليصل إلى 14500 أي أنه زاد بمقدار ثلاثة آلاف ليرة عما كان عليه، دون وجود أي سبب مقنع لارتفاع الأسعار، كذلك مادة الجنية البيضاء التي كانت تباع بـ 16 ألف، أصبحت اليوم بأكثر من 18500 ليرة سورية!!.
وكذلك طال الغلاء أسعار أصناف الجبنة الأخرى كالشلل أو القشقوان، التي وصل سعرها إلى أكثر من 33 ألف ليرة، وكذلك وصل سعر مادة البيض إلى 25 ألف، إذ تباع البيضة الواحدة بسعر 850 ليرة أي أن متوسط تكلفة سحور لعائلة من خمسة أشخاص بمعدل كيلو واحد من تلك الأصناف يبلغ أكثر من مئة ألف ليرة سورية وهو ما يعادل راتب موظف حكومي طيلة الشهر.
حيث أن تجار النظام والمتنفذين اليوم في ظل سيطرته، هم من يتحكمون بالأسعار والغلاء الحاصل، وكأنهم يحاربون السوريين بلقمة عيشهم، ناهيك عن باقي الأزمات المعيشية الخانقة التي يعيشها الأهالي في الداخل السوري، من انعدام الكهرباء والوقود ومواد التدفئة وحتى المياه الشرب الصحية وصولاً إلى رفع أسعار الدواء أيضاً.
كذلك تشهد مناطق سيطرة النظام تدهوراً اقتصادياً متسارعاً، ساهم في خلق فجوة كبيرة بين طبقات المجتمع والتي أصبحت تقتصر على طبقتين فقط هما طبقة من الفقراء جداً وطبقة من الأغنياء والتجار والمسؤولين.
يذكر أن الأشهر الماضية شهدت انهياراً سريعاً في قيمة الليرة السورية مقابل سعر صرف الدولار، والتي تجاوزت حاجز 7500 للدولار الواحد، وساهمت بشكل مباشر في رفع الأسعار والغلاء، خالقة فجوة كبيرة بين معدل الدخل والإنفاق، دون وجود أي دور يذكر لحكومة النظام بضبط الأسعار وإيقاف جشع التجار.