“منذ بداية شهر رمضان المبارك لم نستطيع شراء أي نوع من اللحوم أو الدجاج وباتت وجبة الإفطار تقتصر على شوربة العدس والبقوليات التي توزعها المنظمات الإغاثية بين الحين والآخر، في الوقت الذي يتمتع فيه نظرائنا من نساء عناصر تنظيم داعش الأجانب بمختلف أنواع الطعام والحلويات على مائدة الإفطار دون أن يكترثوا بالبقية”.
بهذه الكلمات وصفت السيدة “أم حسين” حال غالبية قاطني مخيم الهول للنازحين في شهر رمضان المبارك، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانون منها مع استمرار قوات سوريا الديمقراطية باحتجاز المئات من العائلات السورية والعراقية فيه منذ إعلانها هزيمة تنظيم داعش في شمال شرق سوريا والسيطرة على المنطقة منذ أكثر من 5 سنوات.
“أم حسين”، وهي من أهالي ريف ديرالزور الشرقي وتعيش في مخيم الهول منذ عام 2019، قالت إن “الأوضاع المعيشية للعائلات السورية ومعظم العائلات العراقية التي تقطن في المخيم، باتت صعبةً للغاية لعدم قدرتهم على توفير دخل مالي ثابت، وعدم تلقيهم أي مساعدات مالية من أقاربهم المقيمين خارج المخيم بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعانون منه، مقارنةً بعائلات عناصر تنظيم داعش الأجانب الذين يتلقون حوالات مالية شهرية من عائلاتهم”، على حد قولها.
وأفادت السيدة في حديثها مع مراسل منصة SY24، بأن “نساء تنظيم داعش الأجانب يحصلون شهرياً على مبالغ مالية خيالية عبر الحوالات التي تصلهم من عائلاتهم وأقاربهم، حيث يستخدمون هذه الأموال في شراء الطعام والشراب ومختلف أنواع الفواكه والخضار لإعداد وجبات الإفطار لهم ولبقية نساء التنظيم الأجانب، وفي ذات الوقت يهددون بالقتل كل من يعمل مع المنظمات الإغاثية أو داخل مؤسسات الإدارة الذاتية لكسب قوت يومه”.
وأضافت أن “نساء تنظيم داعش المنحدرات من أوروبا هن أكثر من تصلهم حوالات مالية من أقاربهم تليهم النساء القادمات من الخليج العربي وشرق آسيا، حيث تصلهم شهريا أكثر من 1500 دولار لكل عائلة، بالرغم من تحديد إدارة المخيم مبلغ 300 دولار كحد أقصى للحوالات المالية القادمة لقاطني المخيم من خارجه، وذلك عبر اتفاقهم مع أصحاب مكاتب التحويل أو تسجيل الحوالات بأسماء وهمية”.
حيث شهد السوق المحلي داخل مخيم الهول تراجعاً واضحاً في حركة البيع والشراء مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، بسبب ارتفاع أسعار جميع المواد والسلع التجارية والغذائية بسبب الضرائب والإتاوات الكبيرة التي تفرضها حواجز “قسد” عليها، وإغلاق معظم الطرق المؤدية إلى المخيم نتيجة الأحوال الجوية السيئة التي شهدتها المنطقة مؤخراً، ناهيك عن انهيار سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار وإغلاق معظم المعابر البرية مع مناطق شمال شرق سوريا.
الأوضاع الاقتصادية الصعبة داخل مخيم الهول للنازحين دفعت قاطنيه للاعتماد بشكل أساسي على المساعدات الغذائية التي تقدمها العديد من المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية، بالرغم من التهديدات التي أطلقتها خلايا تنظيم داعش وجهاز الحسبة النسائية التابع له بضرورة عدم استلام أي نوع من المساعدات كونها قادمة من “الدول التي حاربت التنظيم”، مع تهديدات علنية باستهداف كل من يخالف هذه الأوامر.
السيدة “أم حسين”، أكدت أن سكان الهول اليوم باتوا اليوم على أتم الاستعداد لتسليم أي عنصر من تنظيم داعش لقوات حراسة المخيم، وذلك بسبب ما وصفته بـ” ازدواجية المعايير التي ينتهجها عناصر التنظيم لمطالبتهم بعدم استلام أي مساعدات غذائية من المنظمات الدولية، وفي الوقت ذاته تعيش عائلات مقاتليه حياة رغيدة مليئة بشتى أنواع الرفاهية من طعام وشراب ولباس وحتى أجهزة محمول متطورة وكأنهم ما زالوا داخل مضافات التنظيم”.
ويعيش داخل مخيم الهول الذي تديره “الإدارة الذاتية”، قرابة 58 ألف نسمة نصفهم يحملون الجنسية العراقية، فيما ينحدر البقية من محافظات ديرالزور والرقة والحسكة وحلب، ويعيش أيضاً داخل المخيم قرابة 12 ألف نسمة من عائلات مقاتلي التنظيم داعش الأجانب ما تزال دولهم ترفض إعادتهم إليها وتفضل بقائهم داخل المخيم، الأمر الذي يهدد حياة بقية النازحين وأيضاً يهدد الاستقرار في المنطقة بسبب تخوف الأهالي من عودته مجدداً إليها وارتكابهم عمليات “انتقامية” ضد كل من حاربهم أو اعترض على سياستهم خلال السنوات الماضية.