خلافات أسرية وعنف منزلي في رمضان.. ما علاقة الصيام؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

يكاد لايمر يوم من أيام شهر رمضان، على عائلة السيدة الثلاثينية “أم جمال”، إلا وتحدث مشكلة في منزلهم خاصة قبيل الإفطار، ناهيك عن تعرضها للتعنيف اللفظي والشتائم طيلة النهار من قبل زوجها، والحجة أنه صائم لا يستطيع أن يتمالك أعصابه أو يتحكم بنفسه طيلة ساعات الصيام، فيما تختلف حاله تماماً بعد الإفطار، وتناول بضع من السجائر حسب تعبيرها.

تقول السيدة المقيمة في مدينة إدلب: إن صوت زوجها يصل إلى الجيران على أتفه الأسباب، وينسى أنها صائمة مثله والأطفال أيضاً، ويحملها مسؤولية أي تصرف في المنزل، دون أن يدرك مايقول، وهي تحاول جهدها أن تتحاشاه خلال تلك الساعات، وتتجنب الاصطدام معه كي لا تزيد المشكلة، وهي مدركة تماماً أنها ستزول عقب الإفطار كما اعتادت عليه طيلة أشهر رمضان السابقة.

تؤكد دراسات كثيرة، زيادة معدلات العنف المنزلي في شهر رمضان عن باقي الأوقات، وذلك بسبب زيادة التوتر الذي تخلفه ساعات الصوم الطويلة نتيجة الجوع أو الانقطاع عن أحد المنبهات، ولاسيما لدى المدخنين، وتصبح شماعة الصيام مبرراً لأي عنف لفظي أو جسدي ينتج من الصائم تجاه محيطه وعائلته وحتى الآخرين الأصدقاء والجيران.

تقول الدراسات بخصوص هذا الموضوع أن الأشخاص المدخنين هم أكثر عرضة للعصبية خلال الصيام، وذلك بسبب انقطاعهم المفاجئ عن التدخين، وتأثير ذلك على الجسم، وتسمى هذه المرحلة أعراض الانسحاب، التي تعمل على زيادة التوتر والانفعال وتؤدي إلى الغضب السريع.

الشابة “آلاء” 25 عاماً، مقيمة في مخيمات دير حسان شمال إدلب، أم لثلاثة أطفال، تقول: إن “زوجها ليس من طبعه التعصيب أو إثارة المشاكل، ولكن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها طيلة شهر رمضان تقلب مزاجه، وتجعله شخصاً آخر، ولاسيما أنه عاطل عن العمل، ولم يتمكن من تأمين مصروف شهر رمضان”.

إذ تزيد معدلات الفقر والبطالة وتدني مستوى الدخل، تزامناً مع الارتفاع الكبير في الأسعار، من الضغط النفسي لدى كثير من العائلات والتي تتمثل في زيادة الانفعالات والتوتر وسرعة الغضب كحال زوج الشابة آلاء، الذي فقد عمله بداية الشهر في أحد مطاعم الوجبات السريعة.

تخبرنا أن صاحب العمل تخلى عن عدد من العمال خلال شهر رمضان بسبب قلة العمل، ما جعلهم أمام تحد معيشي كبير في شهر تتضاعف فيه متطلبات الأسرة.

بالعودة إلى المختصة النفسية “نجاة” عاملة في أحد منظمات المجتمع المدني بمدينة إدلب، تؤكد من خلال مقابلة عدد من النساء أن هذه الظاهرة منتشرة كثيراً في رمضان، مع أنها لا تتناسب وطبيعة شهر الصوم، الذي يهذب الأخلاق، ويقوم النفس، ويعلم الصبر.

وتنصح المختصة النفسية السيدات إلى تفهم هذه المرحلة واحتوائها وتجنب المشاحنات مع الأشخاص الغاضبين، ولاسيما الأزواج أو الآباء أو الأخوة كما هو شائع في مجتمعنا، وتجاهل النقاشات في أوقات الغضب والانفعال النفسي وتأجيل ذلك إلى بعد الإفطار لمناقشته بهدوء.

في حين لاتجد “أميرة ” وهي معلمة وأم لأربعة أطفال، أي مبرر لغضب الزوج أو تصرفاته العدائية، سيما أن المرأة تتضاعف مسؤوليتها المنزلية خلال شهر رمضان، إضافة إلى عملها خارج المنزل، والاعتناء بالأطفال وتأمين احتياجات المنزل من أعمال التنظيف وتحضير الطعام وغيره من المهام اليومية، إذ أن تلك الأعباء المضاعفة التي تتحملها النساء كافية لجعلهن أكثر تعباً وتوتراً من الرجل، ومع ذلك يحافظن على هدوئهن طيلة اليوم وإنجاز مهامتهن المتنوعة.

تتهرب نساء كثر من الخوض في جدالات مع أزواجهن، تحاشياً لأي تصرف عنفي قد يحدث نتيجة ذلك، والحجة كما تقول من التقيناهن من النساء “أنه صائم”، وقسم كبير منهن قد اعتدن على هذا النمط في كل موسم رمضاني، في حين أن بعضهن يعانين من تبعات غضب الزوج وعصبيته وتدخلاته الزائدة في تفاصيل لم يتدخل بها من قبل، إلا في أوقات صيامه، ما يعرضهن إلى عنف منزلي متكرر بشكل يومي.

مقالات ذات صلة