تعتبر المعابر النهرية غير الشرعية الواصلة بين المناطق التي يسيطر عليها جيش النظام وقوات سوريا الديمقراطية في سوريا، مصدر رزق للميليشيات الإيرانية المساندة للنظام السوري ولعدد من المهربين المرتبطين بها، ما دفع التحالف الدولي لاستهداف هذه المعابر في أكثر من مناسبة، بهدف تجفيف مصادر تمويل هذه الميليشيات في المنطقة والتقليل من خطرها.
حيث تنشط معظم الميليشيات الإيرانية والمحلية الموالية للنظام في تهريب المحروقات والمواد الغذائية والسلع التجارية القادمة من مناطق قسد عبر عدة معابر نهرية غير شرعية موجودة في ريف ديرالزور، وذلك بالاتفاق مع عدد من المهربين الذين يقومون بنقل هذه المواد باستخدام عبارات نهرية بدائية، فيما يتم تهريب المخدرات والمشروبات الكحولية والأدوية الممنوعة إلى مناطق قسد عبر نفس المعابر وبواسطة تجار محليين مرتبطين بتلك الميليشيات.
غير أن عمليات التهريب في المعابر النهرية لا تقتصر على المحروقات وبعض أنواع البضائع التجارية بل تعدتها إلى عمليات تهريب للبشر، وخاصةً المطلوبين للنظام بجرائم جنائية أو المتخلفين عن أداء الخدمة الإجبارية في جيشه وحتى المطلوبين سياسياً، ناهيك عن نقل عناصر وعائلات تنظيم داعش من مناطق قسد إلى مناطق النظام وبالعكس مقابل مبالغ مالية وصفت بـ “الخيالية”.
“محمد” وهو اسم مستعار لأحد العاملين بالتهريب في الريف الشرقي لديرالزور، أكد أن “معظم المعابر النهرية غير الشرعية تم استخدامها خلال السنوات الماضية في نقل عائلات عناصر تنظيم داعش الأجانب، الذين يتم تهريبهم من مخيم الهول للنازحين، باتجاه مناطق سيطرة النظام ومنها إلى البادية السورية معقل التنظيم في المنطقة، وذلك مقابل مبالغ مالية خيالية وصلت في بعض الأحيان لأكثر من 25 ألف دولار أمريكي مقابل الشخص الواحد”.
وقال في حديث خاص مع منصة SY24، إن “عملية نقل عناصر تنظيم داعش وعائلات مقاتليه الأجانب تتم بالتنسيق بين المهربين بمناطق قسد وضباط الأمن العسكري وميليشيا الفرقة الرابعة وقادة ميليشيا الدفاع الوطني، وذلك من أجل تسهيل عبور هؤلاء إلى البادية السورية دون تعرضهم للاعتقال أو القتل”.
وأضاف أنه “بعد نجاح عملية الهروب من مخيم الهول تبدأ الخطوة الثانية من أجل إيصال هذه العائلة إلى المعبر النهري ليتم وضعها في عبارة خاصة مع مرافقة مسلحة من أجل ضمان إيصالها إلى الجهة المقابلة دون تعرضها للأذى، حيث يتم تسليمها إلى عناصر من الميليشيات المسلحة المسؤولة عن المعبر ليتم نقل هذه العائلة بعدها إلى منزل آمن يقع بالقرب من المعبر حيث تنتظر هناك يوم أو أكثر قبل أن تتحرك مرة أخرى”.
وتابع أنه “بعد التأكد من خلو المنطقة من أي دوريات غير مرغوب بها يتم التواصل مع خلايا تنظيم داعش المتواجدة في البادية عبر وسيط ثالث، ليتم تحديد نقطة لقاء من أجل إيصال العائلة إليه واستلام بقية المبلغ المتفق عليه وتقاسمه مع جميع من شارك بعملية التهريب هذه”.
عمليات التهريب عبر المعابر النهرية لم تقتصر على عائلات عناصر تنظيم داعش الأجانب فقط، بل تعدتها لنقل مقاتلي التنظيم وقياداته بشكل آمن من البادية السورية إلى مناطق قسد ومنها إلى العراق وبالعكس، وذلك بالتعاون بين مجموعات تابعة لميليشيا الدفاع الوطني وبين دوريات تتبع لقوات سوريا الديمقراطية، شريطة أن يتم نقل العناصر بكامل سلاحهم مع أرتداء أحزمة ناسفة لضمان عدم قيام هذه المجموعات بتسليمهم أو تصفيتهم.
وكانت مناطق شمال شرق سوريا التي تديرها “الإدارة الذاتية”، قد شهدت خلال السنوات التي تلت إعلانها القضاء على تنظيم داعش، ارتفاعاً ملحوظاً في عدد العمليات المسلحة التي تنفذها هذه الخلايا ضد “قوات سوريا الديمقراطية” وضد الموظفين في المنظمات الدولية وأيضاً ضد المدنيين من أبناء المنطقة، بالرغم من قيام التحالف الدولي بالتعاون مع “قسد” بتنفيذ عدة حملات أمنية تم اعتقال عدد كبير من قادة وعناصر تنظيم داعش فيها، ما فتح الباب أمام الأهالي للتساؤل عن كيفية وصول عناصر التنظيم إلى مناطقهم بهذه السهولة وتنفيذهم عمليات اغتيال للمدنيين وخاصة المعارضين للنظام، على غرار ما حدث مع قائد جيش القادسية إبراهيم العطية “أبو بكر قادسية”، الذي تمت تصفيته مع عدد من قادة فصيله على يد خلايا تابعة لتنظيم داعش قبل سنتين.