فقدان تام تشهده الصيدليات والأسواق في العاصمة دمشق وريفها، من مادة حليب الأطفال، بلغ ذروته خلال الأيام القليلة الماضية، مع ندرة توفرها بأسعار باهظة جداً في عدد قليل من المناطق، ولم يسبق لها أن ارتفعت أسعارها بهذا الشكل من قبل.
مراسلنا في العاصمة، أكد أن سعر علبة الحليب الواحدة نوع “النان” وصلت إلى أكثر من 80 ألف ليرة سورية، وهي غير متوفرة إلا في عدد من الأكشاك الصغيرة المنتشرة عند طريق السومرية.
فضلاً عن احتكارها في عدد من الصيدليات، التي تنفي وجودها وتلجأ إلى الكذب بهدف الاحتفاظ بها لأطول وقت ممكن ورفع سعرها بشكل مضاعف عما هي عليه الآن.
وأكد عدد من الأهالي التقيناهم، أن معظم الصيادلة يكذبون ويخبئون علب الحليب وسط أزمة انقطاعه الحادة بهدف تحقيق مزيداً من الربح على حساب صحة الأطفال الرضع، ومعاناة الأهالي، الذين يقفون عاجزين عن تأمين قطرة حليب لأطفالهم.
ليس هذا فحسب، بل إن الأزمة تمتد لجميع أصناف الحليب الموجودة في السوق، التي تناسب مختلف الأعمار مثل حليب “النيدو”، إذ أن ارتفاع سعره يشكل أزمة إضافية على العوائل ذات الدخل المحدود، والتي تستغني عنه بشكل مؤقت إلى حين استقرار أسعاره، وتوفره مجدداً في الأسواق، بحيث يكون في مقدور الأهالي شراؤه لأطفالهم.
وأظهرت صور خاصة التقطها عدسة مراسلنا، من داخل أحد الأكشاك على طريق السومرية، عدداً قليلاً من علب الحليب، بأسعار مرتفعة جداً.
لم تقتصر معاناة الأهالي في ضواحي دمشق وريفها على أزمات احتكار الحليب وفقدانه، بل يعيش المدنيون أوضاعاً مأساوية ولاسيما في منطقة “بيت سحم” جنوب العاصمة، من ناحية انعدام كامل لجميع الخدمات وانتشار القمامة والأوساخ في الطرقات العامة وبين الأحياء السكنية، وسط تقاعس واضح من قبل البلديات والمجالس المحلية المسؤولة عن تأمين الخدمات للمنطقة، والقيام بترحيل الأوساخ وتنظيف الطرقات وإصلاحها وإغلاق فتح الصرف الصحي.
مراسلنا زار المنطقة، واطلع على تردي الوضع الخدمي فيها، وأكد أن البلدية تتخلى عن واجباتها، ولاتقوم بأي عمل يفيد الأهالي ويخفف من معاناتهم، و يقتصر عملها على الورق فقط.
وعاين المراسل عن قرب، انتشار النفايات في جميع الشوارع والحارات الشعبية، والطرق الفرعية والرئيسية، فضلاً عن تراكمها بين المنازل وجانب المحلات التجارية ومحلات الأطعمة، وسط تخوف الأهالي من انتشار الأمراض المعدية نتيجة انتشار الحشرات السامة والقوارض الفئران.
أكثر من عامين، والمنطقة على هذه الحال، حسب ما أكده الأهالي في منطقة بيت سحم لمراسلنا، إضافة إلى انتشار حفر الصرف الصحي، وفيضانها على الطرقات مسببة مستنقعات كبيرة من المياه الآسنة، مع تعمد عدم إصلاحها رغم كثرة الشكاوى التي تقدم بها المواطنون هناك، وكأن النظام يعاقبهم عن طريق الإهمال في القطاع الخدمي.
وأكد عدد من أهالي المنطقة لنا، أن حياتهم باتت أشبه بالذي يعيش في مناطق صحراوية منعزلة عن العالم، وفاقدة لجميع أنواع الخدمات البشرية من مياه، وكهرباء، وأحياء نظيفة خالية من مكبات النفايات، والروائح الكريهة والحشرات، رغم أن المنطقة لا تبعد عن مركز العاصمة كثيراً.
ومع ذلك تعيش أحياء بكاملها بظلام دامس، دون كهرباء وقد تمتد فترة القطع لأسابيع بسبب التقنين، وأحياناً بسبب مشاكل عطل الكهرباء، مع أن تصليح أي كبل كهربائي لا يأخذ هذا الوقت الطويل، ويمكن إصلاحه في ساعة واحدة بعض الأحيان.
من الجدير بالذكر، أن الفساد الذي تعيشه المناطق في ظل سيطرة النظام والميليشيات الحليفة له، استشرى كثيراً في السنوات الأخيرة، فضلاً عن إهمال الوضع الخدمي للأهالي والتضييق عليهم، تزامناً مع أزمات الكهرباء وشح المياه، والمواصلات، وانقطاع الوقود، غيرها من الأزمات التي تشهدها المنطقة.
