صناعة الكعك في الأعياد.. طقس خاص تتميز به محافظة إدلب

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

ما إن يقترب العيد في أواخر أيام رمضان، حتى تتهيأ السيدة الخمسينيّة “أم علي” مهجرة من مدينة كفرنبل، مقيمة في مخيمات دير حسان شمال إدلب، لصناعة الكعك المالح، وقد ارتبط هذا النوع من الكعك  بأهالي محافظة إدلب، التي تميزت بصناعته عن باقي المحافظات السورية، ويعد واحداً من طقوس عيدي الفطر والأضحى في الشمال السوري، ولا يكاد يخلو بيت منه في مدينة إدلب كما تروي لنا “أم علي”.

“رائحة التوابل الشهية التي تفوح في المنزل بعد شيها في الفرن، تحمل رائحة العيد، وتدخل البهجة والسرور إلى العائلة، وتشعر الأطفال الصغار بمعاني العيد في منزلهم عندما تنهمك الأمهات والنسوة في تحضير قلائد الكعك” تقول “أم علي” ثم تمسح دمعتها وتكمل حديثها” الأهم من هذا كله أنه يأخذني إلى منزلي في كفرنبل قبل سنوات، وأنا أصنع كميات كبيرة من الكعك لي ولأولادي  وعائلاتهم” فطقس تحضير الكعك إنما هو رحلة في الذاكرة وشوق إلى أيام الفرح السابقة، حسب ما عبرت لنا.

وعن آلية صنع الكعك المالح، تخبرنا “أم علي” عن مراحله بالتفصيل، تقول: مزجت مقدار معيناً من الطحين، كنت استخدم أضعافه في الضيعة، مع مقادير محددة من بالتوابل أهمها حبة السوداء، وجوزة الطيب واليانسون والشمرة، والمحلب، والكركم والخميرة والملح، مع زيت الزيتون، ثم تعجن جميعها معاً بشكل جيد حيث تمتزج المكونات مع بعضها البعض معطية الطعم الرائع للكعك،وبعد أن ترتاح العجينة لمدة ساعة، تبدأ النسوة بعد أن يتجمعن للمساعدة، بملئ الصواني بالقلائد الصغيرة المدورة، وأخيراً تبدأ مرحلة الشوي بالفرن”.

ساعات قليلة من العمل الجماعي المنزلي، كفيلة بإنهاء ورشة عمل الحلويات، والإذن لرائحة العيد بالخروج من من نوافذ المنزل، مخبرة أهل الحي والجيران بأن الكعك اللذيذ قد نضج، تقول” أم علي” إن” جارتيها من الشام وحمص يفضلن هذا الكعك كثيراً، وقد تعلمتا الطريقة منها وأصبحن يصنعنه لعائلاتهن في الأعياد.

تعود “أم علي” بذاكرتها إلى أيام وجودها في الضيعة، تقول: إنه “بعد استواء الكعك كنا نصنع منه قلائد عن طريق ضمها ووضعها في خيوط متينة، ثم نعلقها في الغرفة، أو بين جدارين، وتبقى العائلة تأكل الكعك مع الشاي لعدة أسابيع بعد العيد، أما اليوم فنصنع كميات قليلة، ما إن ينتهي العيد حتى تنفذ”.

تتشابه طرق صناعة الكعك المالح لدى كثير من العوائل في إدلب، غير أن لكل منها إضافة مميزة، ولكن التهجير والنزوح أثر بشكل مباشر على إمكانية تحضيره في المنزل، تقول السيدة “عبير”، 40 عاماً، نازحة من بلدة جرجناز في ريف إدلب الجنوبي، مقيمة في الريف الشمالي إنها “باتت تشتري كميات قليلة جداً من كعك العيد، بعد أن خسرت منزلها في البلدة قبل سنوات، ولعدم امتلاكها فرناً في المنزل، فقد حرمت من هذه الأجواء”.

بينما ينتشر الكعك في محلات الحلويات، وعلى البسطات الشعبية في الأسواق، و بكميات وفيرة وأسعار مناسبة، يقول من التقيناهم من الأهالي أن شراء الحلويات اليوم أسهل من صناعتها في المنزل وأوفر، ولاسيما للعوائل التي لا تملك فرناً في منزلها، وبذلك لا تحرم فرحة العيد.

بالوقت الذي استطاعت عائلات كثر تحضير حلويات العيد، عجز قسم كبير في الشمال السوري عن صنعها أو شرائها خاصة أن المنطقة تشهد ارتفاعاً كبيراً بالأسعار وموجة غلاء شملت كل المواد والسلع الأساسية مع تدني مستوى الدخل وارتفاع معدل البطالة والفقر.

مقالات ذات صلة