استنكر حقوقي لبناني مكافأة القضاء والأجهزة الأمنية لأحد الضباط المسؤولين عن مقتل سوري تحت التعذيب في أحد الأفرع الأمنية، مندداً في الوقت ذاته بما وصفها بـ “الجريمة”.
جاء ذلك على لسان المحامي اللبناني “محمد صبلوح” في تصريح خاص لمنصة SY24.
وقال صبلوح، إن “الضابط (ابن رئيس المحكمة العسكرية الأسبق) المتهم بالاشتراك بقتل ضحية التعذيب السوري بشار عبد السعود، وبعد إخلاء سبيله من المحكمة العسكرية منذ عشرة أيام، كافأه جهاز أمن الدولة وعينه مسؤولاً لمكتب النبطية نظراُ لجهوده وبطولاته في تعذيب الموقوفين”.
وأوضح، أن جهاز أمن الدولة كافأ الضابط المتورط مع عناصر آخرين في تعذيب موقوف سوري حتى الموت، في مركز توقيف في تبنين في أيلول 2022، بتعيينه رئيساً لمكتب أمن الدولة في النبطية.
وأضاف، أن الجهاز الذي حاول التستّر على الجريمة وقت وقوعها مدّعياً بأن الموقوف توفي بسكتة قلبية، لم ينتظر صدور حكم المحكمة العسكرية بحقّ الضابط الذي أُخلي سبيله رهن التحقيق مقابل كفالة مالية قدرها 300 مليون ليرة.
ولفت إلى أن المديرية أعادت بقية العناصر الذين أُخلي سبيلهم مقابل كفالة مالية قدرها 100 مليون ليرة إلى الخدمة، فيما أُبقي متّهمٌ وحيد هو المعاون التوقيف.
وبيّنت التحقيقات أن المعاون عذّب الموقوف السوري بشار عبد السعود الذي كان مقيّداً بالأصفاد بوحشية ما تسبب بوفاته، بحضور الضابط المسؤول عنه وعناصر المكتب داخل المركز التابع لأمن الدولة، من دون أن يتدخّل أحد لردعه.
وبعد وفاة الموقوف حاول الضابط تغطية الجريمة بإبلاغ رؤسائه أن عبد السعود كان تحت تأثير المخدرات ما تسبب بتوقّف قلبه، كما حاول، بالتواطؤ مع الطبيب الشرعي، الإيحاء بأن الوفاة كانت طبيعية.
ورغم فظاعة الجريمة المرتكبة، تصرّفت قيادة المديرية بخفّة غير مسبوقة، إذ جارت الضابط في الفضيحة لتبرير الجريمة بادّعاء أنّ الموقوف اعترف بأنه ينتمي إلى تنظيم داعش.
واعتبر أن قيادة المديرية وبقرارها إعادة الضابط والعناصر إلى الخدمة تُمعن في تجاوزاتها، وكأنها تشجّع ضباطها وعناصرها على مخالفة القانون، بمكافأة مرتكب جريمة بدل وقفه عن العمل أو تجميده أو إعادة تأهيله.
وتابع في حديثه لمنصة SY24، أن هذا يدل على أن القضاء في لبنان والقيادات الأمنية في لبنان تشجع الأجهزة الأمنية على انتهاج جريمة التعذيب، وهي رسالة موجهة لكل الأجهزة الأمنية مفادها “عذبوا ونحن غطاء لكم”.
وزاد بالقول “لا أقتنع بأن جريمة قتل كهذه يذهب ضحيتها قتيل سوري وتتشرد عائلته، يخلى سبيل مرتكبها بكل جرأة ووقاحة بعد عدة أشهر، وهو الجاني الذي أعطى الأوامر بضرب وتعذيب المعتقل السوري”.
وختم مستنكراً بالقول “وهذا يؤكد أن لبنان لا ينفذ أو يلتزم باتفاقية مناهضة التعذيب، ويؤكد أن لبنان يسمح لمرتكب جريمة التعذيب بالإفلات من العقاب ويشكل غطاء حماية له”.
وأواخر العام 2022، ادّعى فرع أمن الدولة اللبناني في بيان اطلعت منصة SY24 على نسخة منه، أن كل ما يشاع عن مقتل سوري تحت التعذيب هو مجرد افتراءات، وأن “الموقوف السوري اعترف اعترافاً موثّقاً بانتمائه إلى تنظيم داعش”.
واستنكر ناشطون ما وصفوه بعملية التعذيب الممنهج التي مورست على الموقوف السوري، مشيرة إلى أنه وبسبب شدة التعذيب سيعترف بأي تهمة يتم تلفيقها له.
وردّ كثيرون على تعذيب أمن الدولة للموقوف السوري بصورة “وحشية” بالقول “إنكم تحتكمون إلى شريعة الغاب، وهذا هو السبب وراء تعذيب الموقوف السوري حتى الموت”.