لم تعد الأسواق الشعبية أو ماتعرف باسم “البازارات” تنتشر في يوم واحد من الأسبوع ضمن شوارع وحارات مدينة إدلب كما كانت في السابق، بل دعت الحاجة وكثرة الطلب عليها، والازدحام السكان الكبير إلى وجود البازار بشكل يومي ومتنقل بين الشوارع الرئيسية، بحيث تغطي حاجة المنطقة على مدار الأسبوع.
وذلك بعد أن نُظمت البازارات اليومية من قبل مجلس مدينة إدلب، كحل بديل لأصحاب البسطات التي تمت إزالتها من الأرصفة، لتسهيل مرور المشاة والسيارات في المدينة، وأصبح لها مكاناً محدداً في شوارع المدينة مخصصة لكل يوم.
بينما تتنقل البازارات في يوم واحد بين القرى والأرياف ولكل قرية يوم محدد، يعرف باسمه، كبازار الاثنين، والأحد والأربعاء وغيرها، ويحمل الباعة بضائعهم من منطقة إلى أخرى حسب الموعد المتفق عليه.
تقول “صباح” ربة منزل من سكان شارع الثلاثين في مدينة إدلب: إن “البازارات الشعبية هي متنفس الفقراء، في ظل الغلاء الكبير وارتفاع الأسعار، إذ تجد حاجتها بأسعار مقبولة تناسب الأسر ذات الدخل المحدود، فهي لاتتردد في كل أسبوع من زيارة البازار في شارعها، المخصص ليوم الأحد.
حيث تشتري العائلات مختلف أنواع الحاجات والسلع الأساسية من ألبسة أحذية وحقائب، وألعاب الأطفال، والأدوات الكهربائية، والأدوات المنزلية، وأواني المطبخ، والزجاج، وأطقم البلور، فضلاً عن وجود المواد الغذائية والبهارات، والخضار والفواكه وغيرها من جميع مستلزمات العائلة وبأسعار مناسبة.
تخبرنا “صباح” أنها تشتري بمبلغ مئة ليرة تركية قطعاً متنوعة من ألبسة البالة لأطفالها الخمسة، لا تتجاوز سعر القطعة الواحدة 15 ليرة، وهناك مايكون بـ 10 ليرات فقط، فهي عاجزة عن شراء الملابس الجديدة من المولات والمحلات التجارية وتلجأ كمئات العوائل إلى البازارات والأسواق الشعبية لشراء حاجاتها بأقل الأسعار.
ليس فقط الفقراء من يقصدون تلك البازارات الشعبية، بل إنها تستقطب مختلف شرائح المجتمع كونها توفر جميع الحاجات وبأسعار مناسبة، حسب ما أخبرنا به “أبو فراس” صاحب بسطة ألبسة في البازار.
يقول: إن “البازارات اليومية أمنت له ولعشرات الأشخاص فرصة عمل دائمة، فهم يتنقلون بشكل يومي في شوارع المدينة، يعرضون بضاعتهم، محققين دخلاً جيداً، وسط قلة فرص العمل في المنطقة”.
يفترش “أبو فراس” مختلف أنواع الألبسة الولادية على عربته، ويركنها في أحد زوايا البازار، ويتقصد أن تكون في المكان ذاته في كل أسبوع من أجل أن يقصده زبائنه وسط زحمة الباعة، ينادي بأعلى صوته مروجاً لبضاعته، “القطعة بـ 15 وتنتين بـ 25، قرب يا أبو العيال.. قرب ولاتحتار”.
يضيع صوته في الزحام، ويختلط مع أصوات الباعة الآخرين، فهذه البازارات خلقت فرص عمل كثيرة لشرائح عديدة من المجتمع، وتحولت إلى طقس يومي يجتمع فيه الأهالي للتسوق والتجارة، وبأسعار رخيصة نوعا ما، ومنخفضة عن السواق، إذ لا يتكلف البائع أجرة المحل أو تكاليف إضافية يحملها على البضاعة كما يفعل أصحاب المحلات التجارية في الأسواق، كما أنها تلغي دور الوسيط بين المنتج والمشتري.