يواجه الصحفيون/ات في سوريا، ظروفاً خطيرة في بيئة النزاع والحروب، منذ عام 2011 وحتى اليوم، وسجلت انتهاكات عدة بحق عدد من العاملين في الحقل الإعلامي بين قتل، واعتقالات تعسفية، ومصادرة للمعدات وحرية الرأي، ناهيك عن العمل في بيئة غير آمنة تفتقر لضمان أبسط الحقوق.
منصة SY24 تواصلت مع عدد من الصحفيين والناشطين الإعلاميين، للحديث عن بيئة العمل الإعلامي في مناطق شمال سوريا، يقول الصحفي “عبد الرزاق الشامي”، الذي يعمل بصفة “فري لانسر” لعدة وكالات إعلامية، إن أبرز الصعوبات التي واجهها في عمله، هي عدم وجود عقود مع الوكالات التي يعمل معها، يضمن له الاستمرارية بالعمل وسط ظروف العمل الإعلامي الصعبة وانعدام الأمان في بيئة الحرب، ليكون هاجس فقدان العمل بأي لحظة أحد تلك العقبات التي تواجه معظم العاملين في المجال الإعلامي مع إمكانية الفصل من العمل دون إنذار مسبق”.
وأضاف” الشامي” أن طبيعة عمل (الفري لانس) تقوم على مبدأ عدم الالتزام مع أي مؤسسة ولا يحظى بأي ضمان صحي أو وظيفي، أو ما شابه، لأن الصحفي المستقل يعمل دون عقد، ومنهم من يعمل وفق اتفاقات شفهية، أو عن طريق التواصل بالبريد الإلكتروني دون أية عقود تضمن حقوقهم.
كما يواجه عدد من الصحفيين /ات انتهاكات عديدة تمارسها سلطات الأمر الواقع، أدت إلى مقتل عدد منهم، واعتقال عدد آخر، إذ يعمل العديد من الصحفيين تحت أسماء مستعارة، خوفاً من الملاحقات الأمنية، تقول إحدى الصحفيات إنها ماتزال تكتب باسم مستعار منذ سبع سنوات وإلى اليوم، وتقول إن ذلك يحميها من ملاحقة سلطات الأمر الواقع.
تخبرنا أن معظم الصحفيين والناشطين والإعلاميين اليوم يواجهون ظروفاً عمل صعبة للغاية، ومع ذلك يتابعون عملهم، في نقل الحقائق من قلب الحدث في بيئة محفوفة بالمخاطر وقد سجلت عشرات الحالات لصحفيين دفعوا حياتهم ثمناً لذلك، في حين تم اعتقال عدد كبير منهم في المعتقلات، كما دفعت هذه الانتهاكات وانعدام الأمن عدداً منهم إلى الهجرة نحو الدول الأوروبية.
وفي سياق متصل، أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” اليوم تقريرها السنوي، تناول أبرز الانتهاكات بحق الإعلاميين في سوريا، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، والذي جاء فيه “مقتل 711 من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام منذ آذار 2011 على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا بينهم 52 بسبب التعذيب.
وأشار التقرير إلى أن الانتهاكات بحق المواطنين الصحفيين وحرية الرأي والتعبير لا تزال مستمرة منذ اندلاع الحراك الشعبي في سوريا قبل نحو 11 عاماً، حين زادَ النظام السوري من قمعه للصحفيين والعاملين في القطاع الإعلامي، وطرد وحظر جميع وسائل الإعلام العربية والدولية التي كانت في سوريا، وما زال هذا الحظر مستمراً على مدى أحد عشر عاماً حتى الآن.
وهنا نشأت فكرة (المواطن الصحفي) في سوريا، حيث حمل هؤلاء النشطاء على عاتقهم مسؤولية نقل الأخبار، وتصويرها، وذلك لسد الفراغ الحاصل، وتغطية الأحداث المحتدمة التي كانت تجري في سوريا.
وأكد التقرير أن كافة أطراف النزاع والقوى المسيطرة انتهكت العديد من قواعد وقوانين القانون الدولي لحقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها، وبشكلٍ خاص حرية الرأي والتعبير.
وقال “فضل عبد الغني” المدير التنفيذي للشبكة السورية اطلعت منصة SY24 على نسخة منه: إن “في اليوم العالمي لحرية الصحافة نتذكر تضحيات مئات الضحايا من الصحفيين والإعلاميين السوريين وبشكل خاص بعد الحراك الشعبي في آذار 2011 حيث تم استهدافهم على نحو خاص، وما زالوا ينتظرون محاسبة مرتكبي الانتهاكات بحقهم وفي مقدمتهم النظام السوري، لأن الدكتاتورية والاستبداد نقيض حرية الصحافة وطالما بقي النظام السوري الحالي لن تنعم سوريا بأيِّ شكلٍ من حرية الصحافة”.
وبالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، كان اللافت للانتباه انخراط هيئة تحرير الشام وعبر ذراعها حكومة الإنقاذ في إدلب، بإحياء هذا اليوم عبر ندوة نظّمتها بعنوان “الصحافة والإعلام الثوري في مواجهة النظام المجرم”، الأمر الذي أثار استغراب عدد من الناشطين السوريين في المجال الصحفي ولإعلامي، خاصة وأن الهيئة عملت في فترات سابقة على تكميم أفواه الإعلاميين ومنعهم من ممارسة حريتهم الصحفية، حسب تعبيرهم.
وسجّلت الكثير من الجهات الحقوقية والإعلامية بعض الانتهاكات التي مارستها الهيئة بحق النشطاء الإعلاميين في مناطق سيطرتها، ففي العام 2021 على سبيل المثال، استدعى مكتب العلاقات الإعلامية في حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام في مدينة إدلب، الإعلامي عمر حاج قدور، على خلفية منشور بصفحته الشخصية في “فيس بوك” بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، وطلبوا منه حذف المنشور والتعهد بعدم تكرار النشر، حسب ما وثق المركز السوري للحريات الصحفية في رابطة الصحفيين السوريين.
وكان قدور نشر صورة له تظهر تعامل عناصر الهيئة معه ومع عدد من الإعلاميين أثناء تغطيتهم للأحداث الميدانية عند طريق الـ M4، وكيف تم اقتيادهم بطريقة تؤكد حجم التجاوزات التي ترتكب بحق الصحافة والصحفيين في منطقة الهيئة، بحسب ناشطين.
ووفقاً لناشطين آخرين، فإن “الهيئة وعبر حكومة الإنقاذ، تتبع سياسات ترهيب ضد الصحفيين العاملين في مناطق سيطرتها، وذلك من خلال التضييق عليهم والتحكم في عملهم وفق ما يخدم سياستها”.
يذكر أنه في وقت سابق من العام 2020، هدد عدد كبير من الناشطين والإعلاميين بإيقاف نشاطاتهم بشكل كامل في المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام، في حال لم يتم إيقاف الاعتداءات التي ترتكب بحقهم يوميا، حيث جاءت تلك التهديدات عقب اختطاف الهيئة لناشط إعلامي من سيارته أثناء مروره من حاجزها الذي يقع بالقرب من مدينة “دارة عزة”.