مع ارتفاع درجات الحرارة، تزداد الحاجة للمياه النظيفة، وسط نقص ملحوظ في وصولها إلى جميع الأهالي في المناطق السكنية والمخيمات شمال غربي سوريا، إذ تعيش آلاف العائلات في تخوف دائم من انقطاع المياه، أو نقصها نتيجة ضعف البنية التحتية، وافتقار عدد كبير من المخيمات العشوائية النائية إلى أبسط الخدمات ومنها الحصول على مياه شرب نظيفة.
يقول “أبو جمال” المقيم في أحد المخيمات النائية على أطراف بلدة قاح شمال إدلب، إن هناك أسباب كثيرة لانقطاع المياه عن المخيمات، وأهمها بعدها عن مراكز المدن، وإقامتها في مناطق وعرة يصعب وصول صهاريج المياه إليها، أو تمديد شبكات مياه بسبب عشوائية البناء وعدم التنظيم الذي يسمح بذلك، مايجعل نسبة كبيرة من أهالي المخيم يعانون من شح في حصولهم على المياه.
كذلك تفتقر معظم مناطق الشمال السوري إلى حلول دائمة لمشكلة تأمين المياه، مثل حفر الآبار الجوفية، وبناء الخزانات الكبيرة، وتمديد شبكات مياه منظمة تصل إلى المنازل، بسبب ارتفاع تكاليفها، وقد تصل تكلفة حفر بئر ارتوازي إلى 15 ألف دولار في بعض المناطق حسب عمق البئر.
وفي حديث خاص مع “محمد مصطفى” موظف سابق في أحد مشاريع المياه والإصحاح في إدلب، أكد لنا أن معظم المخيمات تعتمد على صهاريج المياه، التي غالبا ما تتكفل بها مشاريع الخدمات التابعة للمنظمات الإنسانية، إضافة إلى مشاريع الصرف الصحي، ولكنها مشاريع غير دائمة وتنقطع عند انتهاء العقد، ليعود الأهالي إلى الدائرة الأولى وهي عدم حصولهم على المياه النظيفة الصالحة للشرب، مشيراً أن مشكلة المياه قائمة منذ سنوات وإلى اليوم يواجه آلاف المدنيين شحاً كبيراً في تأمينها.
في أحد المشاريع السكنية في عقربات، والتي تعتمد على ضخ المياه عن طريق الصهاريج، يقول عدد من أهالي المشروع إنهم يحصلون على المياه عن طريق إحدى المنظمات التي تدعم مشروع المياه ولكن لفترة مؤقتة، و بكميات محدودة كل أربعة أيام، قد لا تكف الأسرة الكبيرة، خاصة بوجود أطفال وكبار سن، ويضطر معظم الأهالي أسبوعياً إلى شراء المياه على حسابهم، ويصل سعر خزان المياه سعة خمسة براميل حوالي 35 ليرة، يكفي الأسرة ثلاث أو أربعة أيام مع التقنين حسب قول السيدة “أم محمد” من سكان المشروع.
تأثر قلة المياه بشكل كبير على الأهالي، من ناحية انتشار الأمراض، والأوبئة خاصة مع بداية الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وحاجة الأسرة إلى المياه بشكل أكبر من باقي الأوقات.
وسجّلت عدة مخيمات للنازحين في أرياف حلب وإدلب شمال غرب سوريا، انتشاراً كبيراً لعدد من الأمراض الجلدية، حسب بيان سابق لـ (فريق منسقوا استجابة سوريا)، لافتاً إلى أن المخيمات تشهد انتشاراً لأكثر من تسعة أنواع من الأمراض الجلدية، عدا الحالات المرضية النادرة، وأكد البيان، أن هناك زيادة في ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض الجلدية، والأمراض النادرة إلى مستويات عالية.
ويتزامن انتشار الأمراض الجلدية مع انتشار أمراض وأوبئة عدة مثل الكوليرا، وفايروس كورونا، وسط معاناة شديدة وتحديات يواجهها القطاع الصحي نتيجة شح الدعم والمخاوف من توقف الدعم عن عدد من المنشآت الطبية والمراكز الصحية في المنطقة.
وفي سياق متصل، أكد “محمد الحلاج” مدير منظمة “منسقو استجابة سوريا” في تقرير صادر منتصف العام الماضي، أن هناك أكثر من 590 مخيماً في المنطقة يعانون شحاً شديداً في المياه، حيث تبلغ نسبة المخيمات المخدمة بالصرف الصحي 37% فقط من إجمالي المخيمات، في حين أن المخيمات العشوائية بالكامل لا تحوي هذا النوع من المشاريع، فضلاً عن غياب المياه النظيفة والصالحة للشرب عن 47% من مخيمات النازحين، حيث وصلت أعداد المخيمات غير المخدمة بالمياه أكثر من 658 مخيماً حسب آخر بيان لفريق منسقو استجابة سوريا حول الموضوع.