تستمر الخلايا الأمنية التابعة لتنظيم داعش بمحاولة فرض نفوذها داخل مخيم الهول للنازحين الذي تسيطر عليه “قوات سوريا الديمقراطية” في جنوب مدينة الحسكة، وذلك عبر قيامها بتهديد كل من يخالف أوامرها وقراراتها واستهدافهم بشكل مباشر إن كان بالقتل أو الخطف أو الابتزاز، ماخلق واقعاً أمنياً صعباً داخل المخيم الذي يقطنه قرابة 57 ألف نسمة جلهم من النساء والأطفال.
خلايا التنظيم المسلحة أصدرت قراراً يقضي بمنع إرسال الأطفال إلى المدارس التعليمية التي تدرس منهاج منظمة اليونيسيف أو أي منهج مخالف تشريعاتها، وأيضاً منع الحصول على أي مساعدات طبية من الأطباء العاملين في المراكز الصحية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، ما تسبب بحالة من الغضب لدى العديد من العائلات التي قررت رفض هذه القرارات والاستمرار بإرسال اطفالهم إلى تلك المدارس.
مصادر اعلامية مقربة من “قسد” تحدثت عن تعرض العديد من مدارس منظمة اليونيسف داخل مخيم الهول لهجمات متكررة من قبل مجموعات من الأطفال، والذين استهدفوا تلك الخيام بالحجارة والعبوات الزجاجية والبلاستيكية الفارغة مع ترديد شعارات مناصرة لتنظيم داعش، وإطلاق صيحات وعيد لكل من خالف قرارات قيادة التنظيم في الهول.
المصادر ذاتها تحدثت عن قيام نساء مقاتلي تنظيم داعش الأجانب بالوقوف بجانب مدارس اليونيسيف وملاحقة الاطفال الخارجين منها باتجاه خيامهم ومن ثم تهديد عائلاتهم بضرورة عدم إرسالهم مرة أخرى، وحثهم على تعليمهم ضمن الحلقات التي تقام داخل قطاع المهاجرات والتي يتم إعطاء الأطفال فيها دروساً معينة تضم أفكار ومعتقدات تنظيم داعش.
الهجمات على المدارس والمراكز التعليمية ارتفعت وتيرتها مؤخراً بالرغم من عدم تسجيل أي حالة قتل أو اغتيال داخل مخيم الهول للنازحين منذ أكثر من شهرين، غير أن معظم قاطنيه رفضوا توجيهات خلايا داعش وأصروا على إرسال أطفالهم للتعليم في مدارس اليونيسيف أو المدارس التي تعطي مناهج عامة، واستمرارهم رفض تعليمهم بمناهج تنظيم داعش أو مناهج “الإدارة الذاتية”.
“أم سليمان”، وهي من سكان بلدة الكسرة بريف ديرالزور الغربي ونازحة سابقة في مخيم الهول، ذكرت “أن المنافسة بين خلايا داعش والإدارة الذاتية داخل مخيم الهول قائمة منذ سنوات فيما يخص قضية تعليم الأطفال والمدارس الخاصة بكل منهما، غير أن الأهالي وجدوا أن أفضل الحلول لعدم الوقوع في فخ هذا التنافس هو إرسال أطفالهم إلى المدارس الخاصة بمنظمة اليونيسيف”، على حد وصفها.
وقالت في حديثها مع مراسل منصة SY24 في الريف الغربي:” تحاول خلايا تنظيم داعش منذ هزيمته على الأرض العودة إلى نشر عقيدته لدى الوسط الذي يتواجد فيه مستهدفاً الأطفال والمراهقين، عبر إغرائهم بمقاطع مصورة لعملياته العسكرية والتي يتم إظهارها على أنها نسخة من الأفلام الهوليودية، كما أنه يزرع فيهم أفكار متطرفة أخرى تدفع البعض منهم بتنفيذ أوامره دون تردد حتى لو كلفه ذلك حياته”.
وأضافت:” قضية التعليم داخل مخيم الهول مهمة جداً لخلايا داعش لأنها تعد الطريقة لكسب ولاء الأهالي عبر السيطرة على أطفالهم، ولذلك فإن إنشاء مدارس لليونيسيف أفشل مخططات التنظيم طويلة الأمد، وكذلك أيضاً بالنسبة للإدارة الذاتية التي أرادت هي الأخرى زرع بعض الأفكار الخاصة بها لدى الأطفال والتي تخالف عادات وتقاليد المنطقة المحافظة”.
وفي السياق ذاته، شنت “قسد” بالتعاون مع عناصر حراسة مخيم الهول حملة مداهمات طالت العديد من قطاعات المخيم، وقامت بتفتيش خيام النازحين بشكل دقيق وتوقيف عدد من الشباب السوريين والعراقيين قبل أن تطلق سراحهم لاحقاً دون العثور على أي مواد ممنوعة داخل خيامهم، وسط حالة من التوتر شهدها المخيم لعدة ساعات.
والجدير بالذكر أن القطاع التعليمي داخل مخيم الهول للنازحين تعرض للعديد من النكسات خلال السنوات الماضية، حيث تم ايقاف عملية التعليم لعدة أشهر بعد انتشار فايروس كورونا بالإضافة إلى إغلاق المدارس الخاصة بالأمم المتحدة ومنظمة اليونيسيف أكثر من مرة بسبب الهجمات التي تعرضت لها من قبل خلايا تنظيم داعش، التي قامت بتخريب محتوياتها وسرقة بعض الأثاث والمستلزمات الأساسية منها بهدف تعطيل عملية التعليم في المخيم.