تستمر ما قامت به هيئة تحرير الشام وعبر جهازها الأمني من اعتقالات مؤخراً، بتصدر واجهة المشهد في منطقة إدلب، وسط الأصوات التي تتعالى مطالبة أبناء المنطقة بالانشقاق عن الهيئة رداً على تلك الممارسات.
وتتباين ردود الفعل حول من يرى بأنه يمكن أن تؤدي تلك الممارسات إلى تغيير ولاء العناصر المنتمين للهيئة وبين من يرى أنه من الصعب انفكاك العناصر عن هيئة التحرير وزعيمها الجولاني.
وحول ذلك قال مصدر من أبناء الشمال (فضّل عدم ذكر اسمه) لمنصة SY24، إن “هناك ولاء كبير للهيئة من كل العاملين فيها ضمن القطاع العسكري والمدني وكل القطاعات ليس من أبناء ادلب فقط العاملين بل من كل المحافظات السورية”، مبيناً أن “هيئة تحرير الشام تضم من مختلف المحافظات ويتميز المنضوين فيها بالولاء والتبعية المطلقة لأسباب عقائدية وفكرية، فالبعض يراها الحامي للثورة ومناطق المعارضة والبعض يراها الأفضل ضمن الفصائل”.
وأشار إلى أنه “في سنوات الثورة رغم كل ما حصل لم نجد حالة تفكك أو انفصال واحدة ضمن الهيئة، وبالتالي لن تحصل أي عملية انشقاق أو خروج لأشخاص أو قيادات أو ألوية ضمن الهيئة”.
وقبل أيام، اتهمت مصادر من أبناء الشمال ومراقبون من المنطقة، الهيئة بتنفيذ أجندات خارجية وبـ “البغي” أيضاً، في حين يتهمها آخرون بالعمالة والخيانة، حسب تعبير تلك المصادر المحلية.
ونقلت مصادر متطابقة عن وكالة “أسوشيتد برس” أن “الرجل الملقب بأبو محمد الجولاني يسعي بدأب للنأي بجماعته هيئة تحرير الشام عن التنظيم الأم (القاعدة) ونشر رسالة تدعو إلى قبول التعددية ونشر التسامح الديني”، في خطوة رأى فيها مراقبون أنها تهدف إلى مساعي الهيئة لإزالة اسمها من على قوائم الإرهاب الدولية.
من جهته، رأى مصدر من أبناء الشمال في حديثه لمنصة SY24، أن “سلوكيات هيئة تحرير الشام ستفرض واقعا جديدا في المناطق المحررة من حيث الداعمين والرافضين لمشروعها، نظرا لأن ما قامت به الهيئة في الآونة الأخيرة من عمليات دهم واعتقال بحق أعضاء حزب التحرير في بلدة دير حسان ومحيطها، يندرج ضمن رؤية النظام السوري في قمع المتظاهرين، حيث عادت لأنظار المنتمين للحزب علما بأن نشاطات الحزب تقتصر على نشر الفكر الذي يروجون له من خلال المنشورات الورقية التي يتم توزيعها على أبواب المساجد، لكن الطريقة الأمنية للتعامل مع مخالفي أفكارهم بقمعهم وهذا السلوك حتما سيكون له تداعيات على معتنقي الفكر ورافضيه”.
وأعرب عن اعتقاده أنه كان من الأجدر مواجهة الفكر بفكر وليس بالقبضة الأمنية المفرطة والتي أثبتت فشلها في السيطرة على المنتفضين، وبالتالي استمرار هذا النهج في كم الأصوات سيؤدي إلى خلق كثير من مؤيدي فكر الحزب”، وبالتالي من أهم التداعيات ستكون انخفاض مستوى شعبية هيئة تحرير الشام”.
ووسط كل ذلك، يرى مراقبون أن هيئة تحرير الشام وحزب التحرير أسوأ من بعضهما البعض، فالهيئة ترتكب الانتهاكات وتقمع الحريات وتكمم الأفواه بحجج وذرائع مختلفة، في حين أن حزب التحرير هو حزب الشعارات الفارغة التي يتم نشرها على الجدران فقط دون أن يكون له أي شعبية تذكر في المحرر.
وعن فكرة انشقاق عناصر الهيئة عنها بسبب ممارساتها وانتهاكاتها، رأى مصدرنا أن “فكرة الانشقاق ستكون صعبة في هذه المرحلة نظرا لما يمنح لمن يعمل في صفوف جهاز الأمن العام التابع لحكومة الإنقاذ السورية التي بدورها تتبع لهيئة تحرير الشام، وعدم إيجاد البديل سيكون أحد أهم العوامل التي تساعد الهيئة في بقاء المقاتلين بصفوفها، مستغلة في ذلك ظروف مقاتليها وحاجتهم الماسة للمال في ظل عدم توفر فرص للعمل، لكن حتما سيؤثر بشكل تدريجي على مستوى شعبية الهيئة وسيؤدي إلى إجبار المنتمون إلى صفوفها للبحث عن البدائل، سواء من خلال العمل في القطاع الخاص او العمل مع الفصائل المنضوية ضمن تشكيل الجبهة الوطنية للتحرير”.
يشار إلى أن الهيئة بدأت مؤخراً تثير الكثير من الجدل بسبب تصرفات متزعمها الجولاني، سواء على صعيد تغيير خطابها تجاه الثورة أو على صعيد ظهور الجولاني في خطاباته ولقاءاته إلى جانب علم الثورة.
ووصف ناشطون من أبناء المنطقة ما يجري بالأمر “الخطير”، مشيرين إلى أن المرحلة حساسة وحرجة والنظام يجهز دولياً وخارجياً من قبل الحكومات العميلة، وفق تعبيرهم.