تتسارع خطوات التطبيع العربي مع النظام السوري والتي يقابلها تسارع في خطوات التغلغل الإيراني، في حين يبدو اللافت للانتباه غياب روسيا عن المشهد وترك الساحة فارغة أمام طهران.
ورغم أن روسيا كانت عرابة قطار تطبيع العلاقات العربية بشكل خاص مع الأسد، لكنّ غيابها يثير الكثير من التساؤلات.
ومن أبرز التساؤلات، كانت حول سبب سماحها للنظام بتوقيع اتفاقيات مع النظام السوري حصلت بموجبها على مكاسب اقتصادية عدة.
إضافة لمساعي إيران للاستحواذ على الفوسفات السوري، والذي يعتبر أنه من أهم الثروات التي تضع روسيا يدها عليها في سوريا من سنوات.
وبرغم تسارع خطوات التطبيع العربي مع النظام، إلا أن الأمر كان مفاجئاً لكثير من المراقبين بسبب سرعته ومن السعودية بشكل كبير جداً.
وحول ذلك، قال الحقوقي علي الرجب لمنصة SY24، إن “روسيا وبسبب انخراطها واستنزافها في الحرب على أوكرانيا، باتت بعيدة نوعا عن المشهد السوري في هذه الفترة، ما فسح المجال أمام إيران لتستغل الوقت وهذا الاستنزاف للتحكم برأس النظام بشار الأسد وبسط سيطرتها عليه وإجباره على التوقيع على اتفاقيات عديدة”.
وأضاف “لا يمكن لروسيا الابتعاد وترك الساحة لإيران لفترة طويلة من الزمن، وإيران بدورها تعلم ذلك، حيث تضع روسيا يدها على الموانئ وعلى قاعدة حميميم العسكرية وتنشر دورياتها في مناطق متفرقة من سوريا وخاصة جنوبي وشمالي سوريا، لذلك لا يمكن التكهن بغياب أي دور روسي عن المشهد السوري في هذه الفترة”.
ويرى مراقبون أن روسيا وإيران كلاهما استغلا كارثة الزلزال في شباط/فبراير الماضي، فروسيا سخرت الكارثة لإظهار نكبة مناطق الأسد وإقناع الدول العربية بضرورة دعمه وإغاثته، وإيران استغلتها للضغط بطريقة غير مباشرة على الدول العربية المجاورة من خلال ضخ الأسلحة وتهريب المخدرات تحت غطاء إنساني، الأمر الذي أثار مخاوف تلك الدول ودفع بها للتطبيع مع الأسد بضوء أخضر روسي كذلك.
من جانبه، رأى الخبير والمحلل الاستراتيجي أحمد حمادة في حديثه لمنصة SY24، بأن “روسيا موجودة ضمن المشهد السوري، فهي من كانت وراء تطبيع بعض الدول العربية باتجاه النظام، أي أن روسيا والصين هي من دعمت بعض الدول العربية لتقييم وإعادة العلاقات مع نظام الأسد وإعادته إلى جامعة الدول العربية”.
ولفت إلى أن روسيا دأبت منذ منذ عدة سنوات بدءا من مسار سوتشي إلى مسار أستانة وحتى قمة الجزائر، سعت للتهيئة لعمليات التطبيع العربي مع الأسد”.
وتابع، أنه كما أن روسيا موجودة سياسياً في سوريا، فهي موجودة في حميميم وطرطوس وفي كل مفاصل الحياة العسكرية والسيادية في سوريا”.
ووسط كل ذلك، يرى مراقبون أن الأسد لن يفي بوعوده لكل الدول التي طبعت علاقاتها معه، بل سيكون ذلك التطبيع نصرا سياسيا واقتصادياً وهمياً للنظام، كما أن روسيا لن تحقق ما تسعى إليه من وراء كل ذلك وهو إجبار الدول على إعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، في حين يبقى المستفيد الأكبر هو إيران وبشكل خاص اقتصادياً، حيث ستحصل ديونها التي بذمة الأسد من الدول العربية والخليجية التي طبعت معه.