ظاهرة الدروس الخصوصية شمال سوريا..  ما الذي جعلها ضرورة لا خيار؟ 

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

مع اقتراب الامتحانات النهائية للموسم الدراسي هذا العام، تنشط وبكثرة ظاهرة الدروس الخصوصية في معظم مناطق الشمال السوري، لتدارك أي تقصير اتجاه الطلاب ولاسيما طلاب الشهادتين الثانوية العامة، والإعدادية، فضلاً عن دورات متابعة يومية لطلاب باقي المراحل حسب قول من  تحدثنا إليهم من المعلمين/ات. 

يقول المعلم “محمد العبود” مدرس مادة الرياضيات في إحدى المدارس الخاصة شمال إدلب، في حديثه إلينا: إن سنوات الحرب الماضية وانقطاع الطلاب عن التعليم بسبب القصف المستمر واستهداف المدارس المنشآت التعليمية، فضلاً عن تأثير التهجير والنزوح جميعها عوامل أدت إلى تراجع العملية التعليمية، وتراجع مستوى الطلاب، ما جعل مسألة الدروس الخصوصية ضرورة لا خياراً لشريحة واسعة من الطلاب. 

استثمار الوقت، ومتابعة المناهج لاستدراك أي تقصير، ينشط في الشهر الأخير حسب “العبود” و بضغط من الأهالي والطلاب معاً، وهنا تبرز أهمية الدروس الخصوصية في مساعدة الطلاب وشرح المنهاج بأقل وقت ممكن وبشكل مكثف. 

تستعد والدة “شهد الطويل” طالبة البكالوريا العلمي، للتواصل مع مدرسي المواد العلمية والاتفاق معهم على موعد محدد وآلية معينة لخضوع ابنتها إلى عدة دروس خصوصية مكثفة، تعنى بإعادة المناهج والتركيز على أهم المعلومات والمسائل العلمية المتوقعة وكيفية حلها وحفظها. 

تقول السيدة إنها “خصصت مبلغاً مرتفعاً هذا العام أجرة المعلمين مقابل عدة ساعات للدروس الخصوصية، في مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء، حيث اختلفت الأجرة بين المعلمين فهناك من طلب 12 دولار على الساعة التدريسية الواحدة، وهناك من يكتفي بـ 8 دولار فقط، وهذه المبالغ مختلفة من منطقة إلى أخرى وحسب خبرة المعلم وشهرته في مجال الدروس الخصوصية”. 

هذا ما أكده المعلم عبود الذي يرى أن مسألة الأسعار فيها مبالغة ببعض المناطق، واعتدال بمناطق أخرى، إضافة إلى تحكم خبرة المدرس السابقة، والمادة التعليمية في تحديد الأسعار. 

وأضاف أن فترة الامتحانات قد تصل قيمة المبالغ المخصصة للدروس لطلاب شهادة الثانوية العلمية ما بين 300 إلى ألف دولار حسب قوله، وهي مبالغ مرتفعة جداً على كثير من الأهالي لذا فقد تقتصر تلك الدروس على أبناء الطبقة الغنية. 

هناك توجه واضح من قبل الأهالي في السنوات الأخيرة الماضية، حول الاهتمام في تعليم أبنائهم مهما كانت التكاليف مرتفعة، وهذا ما لاحظه عدد من المعلمين/ت الذين قابلناهم. 

ليست رغبة الأهالي فقط من ساعد في انتشار الدروس الخصوصية، بل إن تدني رواتب المعلمين، وعمل كثير منهم بشكل تطوعي، دفعهم إلى التفكير في مصدر دخل آخر لا يبتعد عن اختصاصهم، بل من ضمن عملهم في التعليم، تقول المعلمة “نوال محمود” مدرسة صف الرابع في إحدى مدارس مدينة إدلب، إن ظاهرة الدروس الخصوصية أمنت دخلا آخر للمعلمين، ولاسيما أن راتب المعلم لايتجاوز في أحسن الأحوال 150 دولار وهو قليل جداً أمام ولا يكف مصروفاً شهريا للعائلة حسب قولها. 

هذا ما جعل البحث عن حلول أخرى لزيادة مستوى الدخل وتأمين فرصة عمل أخرى تسيطر على معظم المعلمين، ولاسيما أن هناك عدد منهم غير مثبت بعمل بنظام الوكالة براتب أقل من باقي المعلمين. 

بالنسبة لطلاب المراحل الإعدادية والابتدائية، تنتشر دورات تعليمية لمتابعة الطلاب في جميع المواد، حيث تقوم المعلمة بجمع عدة طالبات عندها في يوم محدد وتشرف على متابعة دروسهم أولاً بأول، مقابل مبلغ مادي بسيط، تخبرنا المعلمة نوال أنها تتقاضى 20 ليرة عن كل طالبة عندما تعطي دورة متابعة في منزلها لعدة طالبات لايتجاوز عددهم أربعة فقط. 

وهناك من يتقاضى أجرة شهرية مقابل متابعة الطالب في جميع المواد وتتراوح ما بين 300 ليرة إلى 500 ليرة تركية على الطالب الواحد، وهذا الأمر عائد إلى تقدير المعلم ومراعاة ظروف الأهالي والواقع الاقتصادي بشكل عام. 

يصف المعلم “محمد العبود” مهنة التعليم بأنها من أشق المهن، وأكثرها إنسانية غير أن المعلم في الشمال السوري لا يتقاضى أجراً يتناسب مع جهده وتعبه، مقارنة بباقي الوظائف الأخرى ولاسيما موظفي المنظمات، يقول في حديثه إلينا إن عقداً لمدة ستة أشهر في أي منظمة يعادل راتب معلم لمدة عامين، وهذا إجحاف كبير بحق المعلمين، الذين أصبحوا يبحثون عن عمل آخر مع عملهم أو يلجؤون للدروس الخصوصية مقابل تأمين مصدر دخل آخر يساعدهم في متطلبات الحياة اليومية في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي يعيشها الأهالي في الداخل السوري بشكل عام. 

مقالات ذات صلة