أجبرت الظروف المعيشية الحالية، والأزمات الاقتصادية التي يعيشها غالبية السوريين في الداخل السوري على التخلي عن كثير من عاداتهم الاجتماعية، تماشياً مع مستوى دخلهم، ومن أهمها السيران الأسبوعي، الذي كان تقليداً يجمع أفراد العائلة في أحضان الطبيعة، للترويح عن أنفسهم من ضغوط العمل وحياة المدن، ولا سيما مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
ليست سنوات الحرب السابقة من حرمت السوريين من أجواء الرفاهية والرحلات الصيفية سواء في الغوطة أو الأرياف أو حتى الرحلات إلى الساحل، بل إن الغلاء المعيشي، وارتفاع تكاليف أي سيران جعل هذه المشاريع الأسبوعية خارج حسابات كثير من الأسر خاصة ذات الدخل المحدود، حسب ما أكده عدد من الأهالي تحدثنا إليهم.
تقول السيدة الخمسينية “أم فوزي” مقيمة في مدينة برزة بدمشق، إنها منذ عدة سنوات لم تجتمع عائلتها في سيران يوم الجمعة كما اعتادت في السابق، بحثًا عن الهدوء والسكينة والهواء العليل، والهروب من ضجيج المدن ودرجات الحرارة، بل اقتصرت تجمعاتهم على الذهاب إلى الحدائق العامة، أو البساتين المتطرفة في الأرياف بحيث تكون التكلفة أقل، مع التخلي عن الذهاب إلى مدن الملاهي والألعاب للأطفال بسبب الغلاء، وكذلك المطاعم والمقاصف العائلية كحال كثير من الأسر في المدن.
وقال الحاج “أبو عبدو” من أهالي منطقة وادي بردى، إن عادات كثيرة متعلقة بالسيران الدمشقي اختفت من أولويات الأسر الفقيرة، والمحدودة الدخل، التي كانت متاحة لجميع الطبقات الاجتماعية قبل سنوات، إذ كانت تغص قرى وادي بردى بالأهالي من جميع المناطق، الذين يقصدون الطبيعية للترويح عن أنفسهم، وقضاء وقت مريح فيها، غير أن الحال لم يعد بهذه البساطة، والغلاء الكبير جعل الأهالي تتخلى عن هذه الرحلات الأسبوعية.
بالمقابل فقد ارتفعت أجرة الدخول إلى المسابح هذا الموسم، والتي تعد من الأماكن التي يقصدها الأهالي مع ارتفاع درجات الحرارة، وتختلف الأسعار بين منطقة وأخرى وحسب الخدمات المقدمة، إلا أنها تبدأ ب10 آلاف ليرة سورية على الشخص الواحد وقد تصل إلى 70 ألف ليرة في بعض المسابح، بحيث تصل تكلفة أي مسبح لعائلة من خمسة أشخاص قرابة 200 ألف ليرة سورية بشكل وسطي، ناهيك عن باقي اللوازم الاخرى من طعام وشراب ومواصلات لتكون هي الأخرى خارج حسابات السوريين هذا العام.
يذكر أن ارتفاع معدل الفقر، وتدني مستوى الدخل في الداخل السوري أثر على نمط حياة معظم العائلات السورية، وجعلها تستغني عن معظم العادات القديمة، والاكتفاء بتأمين لقمة العيش أولاً بأول، لتبقى أيام السيران والرحلات العائلية من ذكريات الزمن الماضي.