أفاد مراقبون مهتمون بملف تنظيم داعش في سوريا، بأن هناك عوامل أخرى ساعدت التنظيم على التكيف والبقاء على قيد الحياة، رغم الضغط العسكري والأمني الذي استهدفه وبشكل خاص من قوات التحالف الدولي.
وحسب المراقبين، فإن التنظيم أثبت التنظيم قدرته على الصمود أمام الهزيمة الكاملة له، وأظهر قدرة رائعة على التكيف، ويمكن أن تُعزى هذه المرونة إلى عدة عوامل، بما في ذلك القدرات التنظيمية لداعش، واستمرار الظروف التي أدت إلى ظهوره.
في حين رأت تقارير غربية، أن الإجراءات المضادة ضد داعش ركزت بشكل أساسي على استراتيجيات وتكتيكات النموذج العسكري، لكنها لم تتعامل مع الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي تمكن داعش من الاستمرار.
ولفتت إلى أن سوريا والعراق لا تزال توفر موطنًا مناسبًا للمجموعة للحفاظ على وجود داعش وتنقله، والانخراط في هجمات متفرقة، بعد أن تطور التنظيم من منظمة تابعة للقاعدة إلى منظمة قادرة على السيطرة على منطقة شاسعة، وقد أظهر تنظيم داعش تعقيده وقوته في تلك المناطق بشكل ملحوظ.
وحول ذلك قال المحلل السياسي والمتحدث باسم تيار المستقبل الكردي، علي تمي لمنصة SY24، فإن “هناك دول ومنظمات لديها مصلحة استمرار وجود تنظيم داعش لتبرير بقاءها في سوريا، وخاصة قسد هي المستفيد الأكبر لاستمرار تنظيم داعش في الحركة وتنفيذ هجمات”.
وأعرب عن اعتقاده بأن التحالف الدولي غير جاد بالقضاء نهائيا على هذا التنظيم، ولازال هذا التنظيم يتحرك دون رقيب وحسيب وخاصة حجز الآلاف داخل مخيم الهول التي تشكل بؤر وحاضنة لتنظيم داعش في جنوب وشرق سوريا.
ورأى أن القضاء على تنظيم داعش وأسباب وجوده يجب أن يتم بدعم البنية التحتية في المنطقة، وفتح المدارس، وتقديم مساعدات للأهالي، وبالتالي لا يمكن القضاء على هذا التنظيم فقط من خلال العمليات العسكرية التي تستنزف قدرات وإمكانات المنطقة وتدفع الناس بالهجرة نحو المجهول، حسب تعبيره.
ووفقاً للتقارير الغربية، فإن التنظيم استفاد من الانهيار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في العراق وسوريا، وقد استمرت هذه الظروف الأساسية على الرغم من الهزيمة العسكرية لداعش في عام 2019.
وفي هذا الصدد أضاف تمي في سياق حديثه، أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية تشكل عاملاً مساعداً لانخراط الناس في هذا التنظيم، والسبب الثاني هو قيادة المنطقة من قبل كوادر قنديل ومعظمهم من الإيرانيين، ولهذا السبب ترفض الناس إدارة المنطقة من قبلهم، وبالتالي تلجأ إلى تنظيم داعش للانتقام من هؤلاء الغرباء، والعامل الآخر هو الاحتفاظ بعوائل هؤلاء داخل مخيم الهول، حسب وجهة نظره.
ويرى مراقبون أن هناك أسباب أخرى ساعدت التنظيم في البقاء على قيد الحياة ومنها، المخيمات التي احتُجزت فيها عائلات أعضاء داعش، والتي تشكل مخاطر التجنيد والمزيد من التطرف، إذ يمكن أن تكون مفيدة في عودة ظهور داعش.
كما أن هناك عامل حاسم آخر لبقاء داعش وهو الآلاف من المقاتلين الذين احتجزوا في السجون ومراكز الاحتجاز في جميع أنحاء العراق وسوريا، مما يشكل خطرًا كبيرًا.
وبحسب القيادة المركزية الأمريكية ، فإن هؤلاء السجناء يوصفون بأنهم “جيش داعش” المحتجز في العراق وسوريا “، حيث تضم مراكز الاعتقال والسجون أكثر من 10000 من قادة ومقاتلي داعش في سوريا وأكثر من 20000 في العراق، حيث يتمتع هؤلاء السجناء بخبرة قتالية وقد تم تلقينهم أيديولوجية داعش التي يمكن أن توفر للجماعة قوة قتالية متاحة بسهولة إذا نجحت محاولات داعش في إخراجهم.
ونبّه مراقبون، إلى أن التنظيم ومن خلال مهاجمة السجون ومراكز الاحتجاز، يُظهر قوته وخفة حركته والتي يمكن للتنظيم استخدامها لتحفيز مجندين جدد على الانضمام، يضاف إلى ذلك أن أي احتمال للنجاح في إطلاق سراح السجناء، سينظر إليه على أنه قدرة المجموعة على البقاء على قيد الحياة على الرغم من الخسائر التي تكبدتها في السنوات الأخيرة.
ووسط كل ذلك، يؤكد المراقبون والتقارير الغربية، أن صمود داعش هو تذكير بأن هزيمة التطرف تتطلب أكثر من العمل العسكري، وأن معالجة الظروف الأساسية التي تسمح للجماعات المتطرفة بالازدهار أمر بالغ الأهمية، الأمر الذي يتطلب اعتماد نهج شامل يعالج العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي تمكن داعش من الاستمرار.