أكثر من 300 ليرة تركية أي مايعادل 15 دولار أمريكي، كانت تكلفة معاينة وعلاج الرجل الخمسيني “محمود عبدالله”، مهجر من ريف دمشق إلى إدلب منذ سنوات، إثر تراجع حالته الطبية بسبب مرض القلب الذي يعاني منه، إذ يقوم بزيارة طبيب القلبية كل شهر تقريباً وخاصة عندما تسوء حالته، ويدفع في كل مرة مبالغ كبيرة حسب قوله، ثمن المعاينة والأدوية والمواصلات.
يقول في حديثه إلينا: إن “معاينة الأطباء وارتفاع أجرة التحاليل الطبية التي يجريها بين الفترة والأخرى زادت من مرضه، فهو غير قادر على العمل، ويعتمد على المساعدات الإنسانية والإغاثية لتأمين ثمن الدواء، في ظل الظروف الاقتصادية المتردية في المنطقة”، إذ زادت الأسعار بشكل واضح في الفترة الأخيرة ولاسيما مع ارتفاع الدولار وانخفاض قيمة الليرة التركية.
يقول عدد من المرضى تحدثنا إليهم: إن أجرة المعاينة الطبية لكافة الاختصاصات الطبية باتت أمراً مرهقاً بالنسبة لهم، وكذلك ارتفاع أسعار الأدوية، والتي لاتناسب الوضع المعيشي لغالبية الأهالي، وخارج قدرتهم الشرائية.
يعمل “أبوحميد” مهجر من مدينة حمص في (العتالة) بأجرة يومية لا تتجاوز 70 ليرة تركية أي ما يعادل 3 دولارات ونصف، ويحتاج أجرة عمل أربعة أيام لدفع تكاليف علاج زوجته الحامل، وأجرة معاينة الطبيبة النسائية وشراء الأدوية الخاصة بها، ولاسيما أن وضعها حرج وتحتاج مراقبة طيلة فترة الحمل حسب ما أخبرنا به.
إذ تختلف أجرة المعاينة الطبية بين طبيب وآخر، وكذلك تؤثر سنوات العمل والخبرة والاختصاص على تحديدها، كذلك المنطقة الموجودة فيها العيادة، ما يجعل الأجرة والمراجعة متفاوتة بين الأطباء.
حيث تتراوح كشفية الأطباء من مختلف الاختصاصات في المنطقة من 50 إلى 100 ليرة تركية، والمراجعة من 30 _40 أيضاً، ويعد هذا المبلغ مرتفع ولا يتناسب مع وضع غالبية الأهالي ولاسيما الفقراء وذات الدخل المحدود وعمال المياومة.
هذه الأسعار تدفع معظمهم إلى التوجه للمراكز الطبية المجانية، والمشافي العامة، ما يسبب ازدحاماً كبيراً في موعد الانتظار، وقد لا يناسب الحالات الإسعافية كما قالت لنا “منال” شابة عشرينية تعاني من خلل في الغدة.
إذ تقصد “منال” أحد الأطباء المختصين في عيادته، وتدفع كشفية تصل إلى 80 ليرة تركية، تقول: إن “عدد أطباء الغدد قليل بالمنطقة، ومن الصعب وجود طبيب في مركز مجاني أو مشفى عام إلا في حالات قليلة، لذا أذهب إلى العيادة بشكل دوري لمتابعة العلاج.
أثر الوضع الاقتصادي في المنطقة على عدد كبير من المرضى، ما جعل قسماً كبيراً منهم يعتمد على أخذ الوصفة الطبية من الصيدلة، أو بناء على نصيحة أحد المقربين منه حسب تجربته الشخصية مع المرض، دون الرجوع إلى الطبيب المختص لتشخيص الحالة المرضية ووصف الدواء المناسب له.
يعزي الطبيب “محمد عبدالله” اختصاصي علاج الأسنان، في حديثه لمراسلتنا، ارتفاع تكاليف العلاج إلى ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية أيضاً، ومصاريف أخرى والأمور اللوجستية الخاصة بأي عيادة، ويقارن أجرة المعاينة سابقاً مع قيمتها الحالية، فيجد أنها أقل من السابق، ولكن تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي بشكل عام جعل النسب متفاوتة وغير مناسبة للمرضى.
يذكر أن القطاع الطبي بشكل عام في الشمال السوري يعاني من هشاشة وضعف وانقطاع في الدعم المقدم من جهات عالمية، ونوهت عدة تقارير صدرت سابقاً عن منظمة العفو الدولية أن هناك نقص شديد في المساعدات الدولية الممنوحة لشمال غرب سوريا تركت نحو 3.1 مليون شخص، بينهم 2.8 مليون نازح، في مواجهة أزمة صحية تكافح فيها المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى للعمل بموارد شحيحة.