بملبغ لا يتجاوز مليوني ليرة سورية أي ما يعادل 220 دولار فقط، تستعد الشابة العشرينية “ولاء” المقبلة على الزواج، إلى شراء الملابس أو مايعرف شعبياً بـ “جهاز العروس” استعداداً لإكمال ترتيبات زفافها المقرر في آخر الشهر الحالي، بينما بلغت تكلفة تجهيزات العروس حوالي لدى بعض صديقاتها حوالي عشرة ملايين ليرة، تقول “ولاء” إن الظروف المادية لخطيبها جعلتهما يقللان من التكاليف المفروضة لشراء الملابس وتجهيزات العروس، وحاولا الاقتصاد في الشراء قدر الإمكان، ليتمكنا من إتمام الزفاف بعد عامين من الخطوبة كحال كثير من الشبان.
إذ ارتفعت تكاليف تجهيز العروس هذه الأيام بشكل مضاعف عما قبل متأثرة بالوضع الاقتصادي وانهيار الليرة السورية، وارتفاع الأسعار عموماً، حتى أصبح إتمام مراسم الزفاف لأي شاب من الأحلام المؤجلة.
اشترت الشابة “ولاء” عدد قليلاً من الملابس، واختارت الضروري فقط حسب قولها، لعدم قدرتها على الشراء بسبب قلة المبلغ المخصص لذلك، تقول إن “سعر أقل مانطو مع الحذاء والحقيبة لا يقل عن 400 ألف ليرة وسطياً، وكذلك أسعار قطع باقي الملابس فهي مرتفعة جداً ، و لكنها مضطرة إلى الاستغناء عن كثير منها وشراء القليل فقط.
فضلاً عن ذلك فقد اختارت الشابة استئجار فستان الزفاف بدلاً من شرائه كما تفعل نساء كثر، بسبب ارتفاع أسعار فساتين الزفاف، ومع ذلك تخبرنا أن أجرة الفستان تبدأ من نصف مليون ليرة وقد تصل إلى 4 مليون، وذلك حسب القماش والإكسسوارات الداخلة في تصميم الفستان فضلاً عن ارتفاعها بين منطقة وأخرى وبين الريف والمدينة أيضاً.
“أسماء” صاحبة صالون حلاقة وتجميل نسائي في ريف دمشق، تقوم أيضاً بإيجار فساتين الزفاف والسهرة للسيدات، تقول إن هناك تفاوت في الأجرة ولكنها بشكل عام مرتفعة جداً، ما قلل من نسبة الإقبال على استئجارها أيضاً، واعتماد عدد من الفتيات على الاستعارة من أقاربهن وأصدقائهن.
تقول: إن “أجرة الفساتين تترواح بين 50 ألف وصولاً إلى 500 ألف ليرة، في المناطق الشعبية والتي تعد أكثر رخصاً من الأسواق المعروفة في مراكز المدن، كذلك يتحكم جودة الفساتين وتصاميمها في السعر، كما انخفضت نسبة الشراء كثيراً مقارنة في الأعوام السابقة حسب قولها.
ليس هذا فحسب بل فضلت الشابة إقامة حفل زفافها في منزل والدها، كنوع من تسهيل أمور الزواج بعد أن صدمت بتكاليف أجرة صالات الزفاف، تخبرنا أن أجرة أقل صالة في الريف هي نصف مليون ليرة، بينما ترتفع الأجرة في الصالات الكبيرة المعروفة وقد تصل إلى مليونين أو أكثر.
أرخى الواقع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه السكان في الداخل السوري، على الشباب وأثر مشاريع الزواج، إذ ليست الملابس وحدها من ارتفعت أسعارها، بل إن المهر وشراء الذهب وتأمين المسكن كلها عقبات تحول دون الإقبال على الزواج في ولاسيما عند الطبقة المحددة الدخل.
إذ تواجه شريحة كبيرة من الشباب في سوريا، صعوبات كثيرة عند إقبالهم على الزواج، كما ساهمت الحرب بشكل مباشر في وأد أحلام كثير من الشبان، وإكمال مشاريعهم المستقبلية في الحصول على عمل مستقر والزواج وتأسيس أسرة كما هو الحال الطبيعي، إذ تراجعت بشكل واضح مشاريع الزواج في الداخل السوري وبات السفر والهجرة من أولية للشبان للخلاص من الواقع الذي يعيشونه، ما أدى إلى زيادة نسب العنوسة، ناهيك عن انخفاض عدد الشبان في الحرب بسبب الموت أو الاعتقال أو الاختفاء القسري.
وفي وقت سابق، ذكرت وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة النظام، في آخر إحصائية لها أن نسبة العنوسة في سوريا تتصاعد بشكل كبير لتقترب من 70%، وأرجعت ذلك لأسباب تتعلق بالهجرة، والفقر، وارتفاع تكاليف الزواج، في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه الشبان، ما سبب عزوفهم عن الزواج في مختلف المحافظات السورية.