أكدت مصادر محلية من أبناء الشمال السوري أن هيئة تحرير الشام بدأت توجّه سهام انتهاكاتها صوب خطباء المساجد في مناطق سيطرتها، معربين عن استيائهم من استمرار هذه الممارسات.
ووصلت لمنصة SY24 نسخة من مذكرة تبليغ موجهة لأحد خطباء المساجد في منطقة إدلب، تطلب منه مراجعة “فرع المعلومات” التابع لجهازها الأمني، وفي حال التخلف عن الحضور فإنه سيعرض نفسه للمحاسبة والمساءلة القانونية.
وفي وقت لم تتوضح فيه أسباب تلك الدعوة لأحد خطباء المساجد، أعرب القاطنون في المنطقة عن رفضهم مثل هكذا تجاوزات.
وعبّر أحد القاطنين في منطقة إدلب (فضّل عدم ذكر اسمه) في حديثه لمنصة SY24، عن استغرابه من التجاوزات التي بدأت تطال أئمة وخطباء المساجد، مؤكداً أن هذا التبليغ سيتبعه تبليغات أخرى لخطباء المساجد وذلك من باب الضغط عليهم وتهديدهم وابتزازهم، بغية السكوت عن ممارسات الهيئة وآخرها مسألة فرض زكاة الزروع على المزارعين، حسب تعبيره.
وأشار إلى أنه من المفترض أن تتم دعوة خطيب المسجد عن طريق وزارة الأوقاف مثلاً وليس عن طريق الجهاز الأمني، محذراً من خطورة وبشاعة هذه الخطوة، وفق وصفه.
وحاول بعض المؤيدين للهيئة الادعاء بأن مذكرة التبليغ الموجّهة لخطيب المسجد هي خطأ فردي، لكنّ عدد من أبناء المنطقة رفضوا هذا التبرير مطالبين بعدم التطاول على خطباء المساجد وأي مدني آخر في المنطقة وبأي حجج وذرائع كانت.
وحول ذلك قال ناشط سياسي من أبناء منطقة الشمال (فضّل عدم ذكر اسمه) لمنصة SY24، إن “مسار التضييق سيستمر في ظل عدم اكتراث الحاضنة الاجتماعية الثورية، وذلك من خلال السلوكيات القمعية الممنهجة تجاه قاطني محافظة إدلب، واليوم التضييق على خطباء المساجد وذلك خشية منهم في أن يكونوا محرضين على سلوكيات الهيئة”.
وأضاف “كان من المفترض أن يغيروا نظرة الشارع الذي يتململ من سلوكياتهم الأخيرة بعدما أصبحوا كسلطات أمر واقع ولديهم حكومة الإنقاذ التي تحوي وزارات ومنها وزارة الأوقاف، التي كان من المفترض أن تعنى بشؤون الخطباء وأن يتم إصدار مذكراتهم من خلالها وذلك احتراما للمؤسسة المدنية التي شيدوها، لكن حتى اللحظة ما زال الطابع الأمني هو سيد الموقف ولا تعني لهم المؤسسة بشيء، وذلك من خلال الرصد المستمر سواء من خلال متابعتهم للنشطاء والصحفيين والتضييق عليهم وصولا للاعتقالات وما يتبعه من حالات ترويع”.
ولفت إلى أن “طبيعة الاعتقالات للصحفيين لم تكن بمذكرات لمديرية الإعلام وإنما الجهاز الأمني يتعامل بشكل مباشر مع المناوئين لهم وبالتالي فقدت الحاضنة الثورية”.
ورى بأن “الثقة بتلك المؤسسات الوليدة التي أصبحت غطاء وخلفها أجهزة أمنية وبالتالي استمرار هذا النهج سيجبر الكثير من معتنقي فكرهم بالانفضاض عنهم تدريجيا، وحتى الكثير ممن هم في صفوفهم يبحثون جديا عن بدائل لكن يتخوفون من البدائل نظرا لأنهم عانوا الكثير من سلوكيات الهيئة مرورا بأجسامها المتعاقبة (جبهة النصرة- جبهة فتح الشام- هيئة تحرير الشام)”.
وقارن كثيرون ممارسات الهيئة في التعامل مع خطباء المساجد، بالممارسات التي يرتكبها النظام السوري وعبر أذرعه الأمنية وأفرع مخابراته، مشيرين إلى أن أفرع أمن النظام كان لديها ملفات جميع خطباء وأئمة المساجد في عموم المحافظات والمدن السورية.
وأنذر كثيرون من أن الهيئة وبحجة ملاحقة واعتقال أعضاء “حزب التحرير” الذي لا شعبية له بالأصل، فإنها ستعمل على اعتقال كل من يقف عائقاً أمام ما تبقى من ثورة، وفق كلامهم.
وحسب أبناء المنطقة، تمارس الأجهزة الأمنية التابعة للهيئة، حملات اعتقال منظمة تطال العديد من الأطراف، ليس كوادر “حزب التحرير” فحسب، بل كل من ينتقد ممارساتها وتصرفاتها في المنطقة، سواء من الفصائل الأخرى أو الشخصيات الثورية المعارضة لتوجهاتها، لافتين إلى أن “البطش” هو سياسة عامة لهيئة الجولاني، وفق تأكيداتهم.