لا يوجد نظام أو كيان على وجه هذه الأرض استغل قضية شعب ما مثلما استغل نظام الأسد وحلفاؤه القضية الفلسطينية، ففي الوقت الذي يقتلون فيه من الفلسطينيين أكثر من الاحتلال الإسرائيلي ذاته، يتفاخرون زيفاً وكذباً بحمل لواء “المقاومة والممانعة”، هم يعنون ممانعة أهل “مخيم اليرموك” اليوم، والذي يتعرض لأبشع حملة إبادة، بعد حصار خانق استمر لست سنوات، ومن قبله “مخيم الرمل” الفلسطيني بمدينة اللاذقية عام 2011، ومخيمات درعا وحمص وحلب وخان الشيح، جميعها ارتكب فيها مجازر ضد الشعب الفلسطيني والذي يدعي حافظ الأسد وأبنائه ونظامه حمايتهم ومناصرتهم.
مهمة نظام “الممانعة الأسدي” منذ استيلائه على السلطة، كانت بعد حماية حدود إسرائيل، ملاحقة وقتل الشعب الفلسطيني في سوريا والدول المجاورة، ففي عام 1976 دخلت قوات حافظ الأسد إلى لبنان لإنهاء الوجود الفلسطيني هناك، لا لإيقاف الحرب الأهلية كما أشيع يومها، وبعد التدخل هذا أعلن رئيس وزراء إسرائيل “إسحاق رابين” عن ارتياحه العميق تجاه هذه الخطوة، قائلا: “إن “إسرائيل لا تجد سبباً يدعوها لمنع البعث السوري من التوغل في لبنان، فهذا الجيش يهاجم الفلسطينيين، وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم المساعدة للفلسطينيين، ويجب علينا ألا نزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين، فهي تقوم بمهمة لا تخفى نتائجها الحقة بالنسبة لنا”.
في الخفاء كان الأسد عميلاً بمرتبة امتياز لإسرائيل، أما ظاهرياً فقد سعى جاهداً ليكون اللاعب الأقوى في المنطقة، من خلال اللعب بالورقة الفلسطينية وجعلها قضية تشغل بال العرب جميعاً، وعندما استشعر أن منظمة التحرير (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني) ستكون عقبة أمامه، لم يتورع عن خوض حرب مشينة ضد المنظمة وشعبها في لبنان، وذبح خلالها الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين.
في الخفاء كان الأسد عميلاً بمرتبة امتياز لإسرائيل، أما ظاهرياً فقد سعى جاهداً ليكون اللاعب الأقوى في المنطقة، من خلال اللعب بالورقة الفلسطينية وجعلها قضية تشغل بال العرب جميعاً، وعندما استشعر أن منظمة التحرير (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني) ستكون عقبة أمامه، لم يتورع عن خوض حرب مشينة ضد المنظمة وشعبها في لبنان، وذبح خلالها الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين.
ما حدث مع الشعب الفلسطيني وصفه قائد الثورة الفلسطينية في لبنان “ممدوح نوفل” بالقول: إن “ما ارتكب من مجازر بحق الفلسطينيين على أيدي السوريين وبدعم ومساندة من حركة أمل، في برج البراجنة وتل الزعتر وغيرهما من مواقع وأماكن وجود الفلسطينيين، والتي سميت لاحقا بحرب المخيمات، كانت أسوأ وأفظع من مجزرة صبرا وشاتيلا”.
شن نظام الأسد حرباً بالوكالة على اللاجئين الفلسطينيين، ومارس عليهم كل أنواع الضغط وقام بتهجيرهم وتدمير المخيمات فوق رؤوسهم على اعتبار أنهم يريدون المقاومة ويتطلعون في كل وقت للعودة إلى الأرض، حتى أنه ولنشر حالة من الخوف والإرهاب، أطلق أسم “فلسطين” على أقذر فروعه الأمنية في دمشق “فرع فلسطين” وفيه قضى خيرة الشباب السوريين والفلسطينيين تعذيباً ولبث آخرون عشرات السنين وراء القضبان.
عمل نظام الأسد على تمزيق الصف الفلسطيني وتفتيت الكلمة وسعى لتنمية الاقتتال البيني، كتشكيل فصائل متحاربة مع “فتح”، سلمها مهمة تنفيذ العمليات ضد الفصائل والشخصيات الفلسطينية الوطنية، وتم رعاية المجرم “أحمد جبريل” ليكون اليد الضاربة وواجهة لكل عمليات الإجرام، بعد أن أسقطت منظمة التحرير الفلسطينية علاقتها به واعتبرته خارجاً عليها، كما حارب هذا النظام من أجل القضاء على منظمة التحرير وتوزيع من تبقى من عناصرها على تونس واليمن، أفعال مكنت إسرائيل من توسيع رقعتها الاستيطانية، وإضعاف المجموعات الفلسطينية التي كان هدفها مواجهة إسرائيل.
وإن تحدثنا عن عداء نظام حافظ الأسد للزعيم الفلسطيني الكبير “ياسر عرفات” فإن الأخير لخصها بالقول “شارون العرب قد حاصرنا في البر، وشارون اليهود قد حاصرنا في البحر”، وقد أعلن حافظ الأسد حربه على عرفات فور ترفعه لرتبة لواء عام 1964 إذ أصدر أمراً يقضي بإلقاء القبض على عرفات بتهمة حيازة السلاح!، وفي عام 1966 حاول اغتياله بمساعدة المجرم أحمد جبريل، وبعدها توالت محاولات القتل والانتقام وكل أسباب هذه الحرب هي لأن عرفات كان مصرا على بقاء القرار الفلسطيني خارج سلطة أي أحد.
لم يكن نظام الأسد يوماً ناصراً للقضية الفلسطينية، ولا لأي قضية عربية من المحيط إلى الخليج، بل كان خادماً ومنفذاً لمشاريع الولي الفقيه في طهران، وكان عاملاً رئيسياً في سيطرة نظام الملالي على أربع عواصم عربية، فيما يرفعون شعارات القدس والأقصى وهو بعيد عنهم مرمى الحجر.