تشهد المعابر البرية الواصلة بين مناطق “قوات سوريا الديمقراطية” ومناطق النظام في الرقة نشاطاً كبيراً في حركة عبور المدنيين وخاصةً طلاب الشهادتين الثانوية والإعدادية عبر حافلات النقل العامة والعربات الخاصة، وذلك بغرض تقديم الامتحانات في مناطق سيطرة النظام.
حيث بلغت أجور نقل الطالب الواحد من ريف الرقة إلى بلدات السبخة ومعدان شرقي قرابة الـ 25 ألف ليرة سورية وهو مبلغ ضخم مقارنةً بالوضع المعيشي السيئ الذي يعاني منه الأهالي، بالتزامن مع ارتفاع أسعار إيجارات المنازل في تلك البلدات وعدم توافرها بشكل دائم، ما دفع عدد كبير من الطلاب للاتجاه نحو المبيت لدى أقاربهم ومعارفهم في مناطق النظام إلى حين انتهاء الامتحانات.
في الوقت الذي أكد فيه سائقو حافلات النقل الداخلي، أن التسعيرة التي وضعتها “الإدارة الذاتية”، الجهة المدينة التي تدير مناطق شمال شرق سوريا، لم تعد تتوافق مع الوضع الاقتصادي الحالي وخاصةً مع ارتفاع أسعار المحروقات وغلاء تكاليف صيانة حافلاتهم، بعد هبوط قيمة الليرة السورية مقابل الدولار لتصل إلى 9000 ليرة، وصعوبة استيراد قطع الغيار من خارج المنطقة.
معاناة الطلاب الراغبين بتقديم امتحانات الشهادتين الثانوية والإعدادية لم تقتصر فحسب على ارتفاع تكاليف النقل بل تعداها إلى المضايقات التي يتعرضون لها بشكل يومي من قبل عناصر حواجز النظام والميليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة وخاصة في محيط بلدة معدان، وسط تهديدات شبه يومية باعتقال الطلاب أو سوقهم إلى الخدمة الإجبارية في جيش النظام، ما شكل ضغطاً نفسياً لعدد كبير منهم دفع البعض للعزوف عن اكمال الامتحانات.
تتحدث “أم محمد” وهي من سكان مدينة الرقة عن الضغط النفسي الذي يعاني منه ولدها أثناء الامتحان، مؤكدة أنه لا يقارن أبداً بالضغط الذي يتعرض له طوال طريق السفر، وذلك بسبب المشاكل التي تدور بشكل يومي على أجور النقل بينه وبين سائقي الحافلات، وأيضاً استمرار حواجز النظام بفرض الإتاوات على الطلاب، أو تقديم بعض الأغراض كالجبن والسمن العربي لكي يسمحوا لهم بالعبور، وغيرها من الأمور التي قد تدفعه في أي لحظة للتخلي عن دراسته والامتناع عن الذهاب لمتابعة امتحاناته.
وفي حديثها مع SY24 قالت: إن “تكلفة نقل الطلاب اليوم إلى معدان بلغت 25 ألف ليرة سورية وهو مبلغ ضخم جداً مقارنةً بداخلنا اليومي، ناهيك عن المصاريف الأخرى التي نضطر لدفعها من أجل ضمان سلامة ابننا وراحته النفسية من أجل إبقاء تركيزه على الامتحان فحسب، ولكن كل هذا قد يذهب سدى في حال استمرت حواجز النظام بمضايقتها للطلاب وتهديداتهم المستمرة بأخذهم إلى الخدمة الإجبارية”.
وأضافت أنه “لا يوجد لدينا أقارب في المدن والبلدات التي يسيطر عليها النظام بريف الرقة كحال غيرنا من الطلاب، كما أن إيجارات المنازل وصلت لأكثر من مليون ليرة سورية خلال شهر الامتحانات فقط هذا إن وجدت، ولهذا بات الحل الوحيد هو ذهابه صباح الامتحان وعودته في الظهيرة عبر حافلات النقل الداخلي”.
يشار إلى أن عدد كبير من الطلاب القادمين من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” يضطرون للعبور وبشكل يومي إلى مناطق النظام لتقديم امتحانات الشهادتين الثانوية والإعدادية، وذلك عبر 300 حافلة نقل عام تم تخصيصها من قبل “الإدارة الذاتية” لنقل الطلاب أثناء فترة الامتحانات مع وضع تسعيرة عبور رسمية قدرها 15 ألف ليرة، وسط تهديدات أمنية مستمرة من قبل حواجز النظام وقيامها باعتقال عدد من الطلاب من داخل المراكز الامتحانية، ما شكل ضغطاً نفسياً كبيراً عليهم وعلى عائلاتهم.