الضربات الأمريكية والغربية الأخيرة على سورية، قد تكون مؤشراً على بداية مرحلة جديدة ينتهجها الغرب لنسف التحالف الروسي الإيراني في سورية، وقد تكون إضافة إلى ذلك إجباراً للروس على اختيار أحد أمرين: الأول قبول روسي بالمحددات الأمريكية الغربية للحل السياسي النهائي في سورية، والثاني إغراق الروس في المستنقع السوري في حالة رفضهم مقاربة المحددات السياسية الأمريكية الغربية.
حول هذه السياسات المتداخلة والمتشابكة طرحنا على الدكتور “محمود الحمزة” بعض الأسئلة فأجاب عليها مشكوراً.
المواجهة الروسية الأمريكية غير محتملة:
قلنا للدكتور “محمود الحمزة” إن الضربات الأمريكية على مواقع النظام الأسدي ومواقع إيرانية في سورية مقدمة لحرب قادمة في سورية بين المحورين الأمريكي والروسي، ما رأيك؟.
فأجاب: بالرغم من الدور الأمريكي والإسرائيلي الذي يصبّ الزيت على النار للضغط على إيران من جهة ومضايقة روسيا وتحجيمها من جهة أخرى، وبالرغم من الصراع الواضح للجميع بين روسيا وأمريكا إلا أنني أرى أن المواجهة المسلحة بين الدولتين الكبيرتين أمر مستبعد، لأنهما متفاهمتان استراتيجياً في سورية وبالتنسيق مع اسرائيل، أما احتمال قيام حرب بين إسرائيل وإيران فغير مستبعدٍ لأن أمريكا في النهاية تريد الضغط على إيران، وهي متفقة مع إسرائيل بتحجيم الدور الإيراني في سورية، لذلك فالضربات يجب فهمها في إطار توزيع الحصص والمكاسب وتوزيع مناطق النفوذ في سورية.
الفراق حتمي بين الروس والإيرانيين:
وسألنا الدكتور “محمود الحمزة” حول امكانية أن يتمّ التفريق بين روسيا وإيران في سورية ونتائج ذلك، فأجاب: تحالفَ الروسُ والإيرانيون مدة سبع سنوات ودعموا عصابة الأسد المجرمة وتمكنوا من إبقائه واقفاً مترنحاً على قدمين هزيلتين، وقاربت الحروب على الانتهاء وهنا وقت ساعة الحقيقة بين روسيا وإيران، فبمجرد انتهاء القتال والقتل سيختلف الطرفان لأن أجندتهما مختلفتان، وبالتالي فالفراق أمر حتمي وهنا يأتي الدور الأمريكي والإسرائيلي الذي قد يساعد روسيا على التخلص من منافس قوي في سورية وأقصد إيران، وقد ظهر الخلاف بين روسيا وإيران بقوة في الغوطة الشرقية.
بوتين ينفّذُ مخططاً أمريكياً إسرائيلياً:
وحول امكانية تسوية الخلافات الغربية والأمريكية مع روسيا وكذلك حول سيناريوهات الصراع بين الروس والغرب، يجيب الدكتور “محمود الحمزة”: اعتقد أن استراتيجية بوتين الخارجية تقوم على استعادة مكانة روسيا كدولةٍ عظمى ، بينما أمريكا تريد محاصرة روسيا وظهر هذا بنشر الدرع الصاروخي على الحدود الغربية لروسيا.
وكذلك محاولة تقييد الدور الروسي في آسيا الوسطى، وكذلك تمّ الانقلاب على الرئيس الأوكراني الموالي لروسيا وخلقوا مشكلةً لروسيا في أوكرانيا مما دفع بالروس إلى ضمّ شبه جزيرة القرم عام 2014، وبالتالي انهالت العقوبات الغربية على كافة شركات النفط والأسلحة الروسيتين وعلى مئات رجال الأعمال المقربين من الرئيس بوتين.
ويضيف الدكتور “الحمزة”: جاءت توريط روسيا في سورية بخدعة أمريكية اعتقد بوتين أنه بطل ويجرّب أسلحته، لكنه في الحقيقة كان ينفّذ مخططاً إسرائيلياً أمريكياً في تدمير سورية والانخراط في المستنقع السوري، مما ينذر بأفغانستان ثانية، بالإضافة إلى جرّ روسيا إلى سباق تسلحٍ جديد ٍ يذكّر بالحرب الباردة والذي سينعكس سلباً على حياة المواطنين الروس اقتصادياً واجتماعياً وهذه الشروط بالذات، هي التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفياتي، لذلك بالنتيجة سيكون الرابح هو أمريكا وإسرائيل أما روسيا فإنها تصل إلى طريق مسدودة وعليها لضمان مصالحها المستقبلية أن تعدّل سياستها في سورية وخاصة موقفها من الطاغية الأسد.
الثورة السورية أخافت الروس فوقفوا ضدها:
وسألنا الدكتور “محمود الحمزة” عن حقيقة خوف الروس من الثورة السورية وقت سلميتها، فأجاب: خاف الروس من سيناريو غربي في سورية مشابهٍ لما جرى في ليبيا، وخوفهم أن ينتشر هذا السيناريو إلى آسيا الوسطى والقوقاز ويهدد روسيا نفسها، كما أن روسيا خافت من فقدان موقعها في الشرق الأوسط بفقدان سورية وبالتالي قرر الروس الدفاع عن عصابة الأسد لأنهم اعتبروها حامية لمصالحهم في المنطقة وهم مخطئون تماماً في هذه النظرية.
من جهة أخرى روسيا وقفت ضد ثورات الربيع العربي منذ بدايتها لأنها مرتبطة بصداقات مع أنظمتها الشمولية.
وأوضح الدكتور “الحمزة”: اليوم شعر الروس بالمأزق من دعمهم للأسد الذي لن يستطيع حتى حماية نفسه فكيف سيحكم سورية أو جزءً منها؟ من أين سيأتي بالتمويل؟ هذا مستحيل مع بقاء الأسد، روسيا اليوم أمام تحدٍ كبيرٍ فكيف تستطيع تحقيق مصالحها إذا ما استمرت بنفس السياسة تجاه سورية؟، باختصار بعد التدخل العسكري الروسي وانتصارها عسكرياً على الشعب السوري الأعزل لن تتمكن روسيا من إبقاء النظام وإعادة تأهيله فهو منهار لا محالة، وبالتالي على روسيا
أن تختار الاستمرار بموقفها في دعم عصابة الأسد أو في تفهم مطالب الشعب السوري المشروعة، وتقديم مبادرة سياسية للحل العادل في سورية بدون الطاغية وعصابته الفاسدة.
بطاقة تعريف بالدكتور محمود الحمزة:
– مواليد الحسكة ويقيم في موسكو
– بروفيسور دكتور بالرياضيات نال الدكتوراه عام 1985 من موسكو
– له أبحاث ودراسات وترجمات كثيرة
– معارض لنظام السوري منذ عام 1970
– شكّل لجنةً لدعم الثورة السورية في روسيا
– أسس مركزاً إعلامياً ناطقاً باللغة الروسية لنصرة الثورة السورية
– عضو في المجلس الوطني السوري السابق