تشهد مواسم حصاد القمح والشعير وباقي الخضار الموسمية حضوراً كبيراً للنساء العاملات في الأراضي الزراعية بأجرة يومية، وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تعاني منها مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” شمال شرق سوريا، وأيضاً غياب المعيل عنهم بعد مقتل أو اعتقال أو فقدان أزواجهم في المعارك التي شهدتها المنطقة طوال السنوات الماضية.
حيث تتجمع عشرات السيدات عند جسر مدينة البصيرة في الريف الشرقي لدير الزور بانتظار الحافلات التي تقلهم إلى الأراضي الزراعية في الريف الشمالي للمدينة، بهدف البدء بعمليات الحصاد وتجميع بقايا الموسم وغيرها من المهام الموكلة لهم مقابل أجرة يومية لا تتجاوز الـ 10 آلاف ليرة سورية في أحسن الأحوال مع وجبة طعام بسيطة مكونة من الخضار والبيض المسلوق.
انتشار ظاهرة عمالة السيدات في الأراضي الزراعية ازدادت بعد سيطرة “قسد” على المنطقة وخروج تنظيم داعش منها، بسبب رفض الأخير عمل السيدات بشكل قاطع وبالذات في الأراضي الزراعية بالرغم من حاجتهم للأموال وقيامه باعتقال عدد من المدنيين بتهمة تسهيل عمل هؤلاء السيدات، مع رفضه تقديم أي مساعدة مالية لهذه الأسر المحتاجة مع العلم أن بعضهم هم من عائلات عناصره المحليين الذين قتلوا أثناء القتال بجانبه.
“سليمان الحسين”، من أهالي مدينة البريهة بريف ديرالزور الشرقي وسائق حافلة تنقل السيدات إلى عملهم، ذكر أن “معظم هؤلاء السيدات تجاوزت أعمارهم 30 عام وفقدوا معيلهم في المعارك التي شهدتها المنطقة أو تم اعتقالهم لدى النظام أو قسد، الأمر الذي اضطرهم للعمل من أجل إعالة أسرهم وأطفالهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها المنطقة”، على حسب تعبيره.
وفي حديثه مع منصة SY24 قال: إن “الأوضاع المعيشية لهولاء السيدات سيئ للغاية كون معظمهم من النازحين القادمين إلى المنطقة من باقي المحافظات السورية، أو المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام والميليشيات الموالية له وبعضهم يمتلك أراضي زراعية واسعة ولكنهم غير قادرين على الوصول إليها مع رفضهم بيعها لسماسرة النظام والميليشيات الإيرانية”.
وأضاف أن “بعض هؤلاء السيدات يقمن بإحضار أطفالهم معهم للمساعدة مقابل أجرة متدنية جداً لا تزيد عن 5000 ليرة سورية، فيما ترفض أخريات فكرة أن يعمل أطفالهم في الأراضي الزراعية ويفضلن استمرارهم بالتعليم أو إرسالهم إلى تعلم مهن أخرى مثل الخياطة أو الكهرباء أو حتى ورشات البناء وصيانة السيارات، والتي تدر مبالغ مالية إضافية على عائلاتهم”.
وفي سياق متصل، تواصل بعض المؤسسات والمنظمات المعنية بحماية المرأة عملها في عدد من مدن وبلدات شمال شرق سوريا، عن طريق إطلاق دورات مهنية لتعليم بعض المهن اليدوية مثل الخياطة والتطريز ومساعدتهم على افتتاح مشاريعهم الصغيرة الخاصة بهم وتقديم كافة أنواع الدعم لها، بهدف “مساعدتهم على تأمين نفقات عائلاتهم ومنع تسرب الأطفال من المدارس وحمايتهم من الاستغلال الجسدي”.
في الوقت الذي طالبت فيه العديد من النساء مؤسسات “الإدارة الذاتية”، الجهة المدنية التي تدير مناطق شمال شرق سوريا، بضرورة تقديم رواتب شهرية لجميع النساء اللاتي فقدن معيلها بسبب المعارك التي شهدتها المنطقة، مع تقديم مرتبات لزوجات عناصر “قسد” الذين قتلوا في المعارك ضد تنظيم داعش وتوفير جميع المستلزمات الضرورية لهم لكي يتوقفوا عن ممارسة أعمال يدوية قاسية والتفرغ لتعليم الأطفال.