في ديرالزور.. نساء يحولن بيوتهن إلى ورشات خياطة لإعالة أسرهن

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

“لم أرضَ بأن أكون عالة على المجتمع أو أمد يدي للغريب طلباً للمساعدة، ولهذا السبب بحثت عن أي فرصة للعمل تبقي لي كرامتي وتحفظ ماء وجهي ووجدت ذلك في هذه المهنة الشاقة”.

بهذه العبارات بدأت السيدة “سهام الحمد” حديثها إلى مراسلة SY24 في ريف ديرالزور الشرقي الخاضع لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، وذلك بعد أن حولت منزلها المتواضع إلى ورشة مصغرة للخياطة تعمل بها بهدف توفير أساسيات الحياة لها في ظل غياب زوجها الذي قتل في قصف لقوات النظام على مدينة ديرالزور.

تقول “سهام”: “لدي شغف قديم بمهنة الخياطة، إذ كانت والدتي تعلمني كسائر نساء ديرالزور كيفية خياطة الثياب الصوفية وتطريز بعض الألبسة وخياطة التالف منها، وكبرت معي هذه المهنة حتى أنني قمت بشراء ماكينة خياطة قبل انطلاق الثورة وبدأت بالفعل بخياطة بعض الألبسة كنوع من الهواية المنزلية، ولكن يبدو أنني استفدت من هذه الهواية في العثور على فرصة عمل جيدة أستطيع بها تدبر أمر عائلتي”.

وأضافت “اتفقت مع عدد من الخياطين المحليين للحصول على كميات من العباءات الرجالية والنسائية التقليدية لسكان ريف ديرالزور بهدف تطريزها وحياكتها ووضع الأزرار عليها قبل أن أضع كل واحدة في كيس مخصص لها تمهيداً لإعادتها للخياط، مقابل أجر مالي ربما يكون زهيداً بالنسبة للبعض ولكني أستطيع به تكفل نفقات عائلتي دون الحاجة لطلب المساعدة من أحد”.

نساء ريف ديرالزور اتجهن منذ سنوات إلى السوق المحلية طلباً للعمل في مهن متعددة أبرزها الزراعة وحصاد المحاصيل الموسمية وتربية الحيوانات والخياطة والطبخ، في ظاهرة ليست قديمة جداً على سكان المنطقة ولكنها باتت تتنوع وتتوزع في جميع مدن وبلدات الريف الذي يعتبر “محافظ” نسبياً بالنسبة لعمل النساء، وهو ما فرضه الواقع الذي يعيشون فيه في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشونه والغلاء الفاحش الذي تشهده أسعار جميع السلع والبضائع التجارية والغذائية.

وتابعت السيدة قائلة: “فكرت سابقاً في افتتاح ورشة خاصة بي ولكن التكلفة الباهظة منعتني من ذلك، بالإضافة إلى استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة وعدم قدرتي على تحمل تكاليف المولدات الكهربائية وغيرها من المصاريف، ولهذا ما زلت أكافح في هذه المهنة إلى أن يكبر أطفالي ويبدأون هم بالعمل بدلاً مني”.

من جانبه، أوضح “أبو الحارث”، وهو صاحب ورشة خياطة في ريف ديرالزور الشرقي، أن عدد النساء اللاتي يعملن من المنزل في تطريز العباءات التقليدية كبير نسبياً مقارنة بالفترات التي سبقت الثورة السورية او حتى قبل احتلال داعش للمنطقة، وذلك بسبب الأوضاع المعيشية السيئة التي تعاني منها معظم عائلات المنطقة واضطرارهم للعمل في هذه المهن لعدم قدرتهم على العمل في المهن الأخرى مثل الزراعة وحصاد القمح والقطن”، على حد وصفه.

وقال في حديثه لمنصة SY24: “صحيح أن الأجر الذي أقدمه إلى السيدات اللاتي يعملن من المنزل منخفض نسبياً مقارنةً بظروف المعيشة الباهظة ولكنه بات يمثل العمود الذي تستند عليه تلك الأسر في إعالة نفسها، كما أن مهنة الخياطة باتت تعاني هي الأخرى من ركود في السوق المحلية بسبب انتشار البضائع الجاهزة التي تعد أرخص ثمناً وأقل تكلفة، مع عدم قدرة الجميع على خياطة وتفصيل ثيابهم لدينا كما كانوا يفعلون سابقاً”.

وتعاني معظم مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” في شمال شرق سوريا من ظروف معيشية صعبة بسبب انعدام فرص العمل الحقيقية للشباب والفتيات وعدم قيام “الإدارة الذاتية” بتوفير الوظائف المناسبة لعدد كبير من خريجي الجامعات المحلية، الأمر الذي دفع عدد كبير من النساء والشباب للبحث عن أعمال غير تقليدية سواءً من المنزل أو عبر افتتاح مشاريع جديدة على المنطقة يتمكنون من خلالها من توفير الحد الأدنى من المعيشة بالنسبة لهم، في ظل حالة الغلاء الفاحش التي تعاني منها المنطقة.

مقالات ذات صلة