ارتفعت الأسعار في أسواق مدينة ديرالزور إلى الضعف خلال الأيام القليلة الماضية، بالتزامن مع فقدان عدد من المواد الأساسية ما دفع عدد كبير من السكان إلى التخلي عن تلك المواد بشكل كامل واستخدام بدائل أخرى عنها.
القفزة الكبيرة في أسعار المواد الغذائية رافقها احتكار بعض المواد من قبل التجار المحليين وأصحاب المستودعات الكبيرة، في الوقت الذي شهدت فيه بقية السلع والمواد التجارية زيادة واضحة في الأسعار وسط حالة من الركود التجاري شهدتها تلك الأسواق، لعزوف المواطنين عن الشراء في الوقت الراهن ريثما تستقر الأسعار بشكل أكبر.
مراسل SY24 نقل عن عدد من السكان، قولهم: إن السبب الرئيسي وراء ارتفاع الأسعار في المدينة يعود إلى “الشائعات” التي غزتها عن قرب إعلان “قوات سوريا الديمقراطية”، بالتعاون مع التحالف الدولي، عن عملية عسكرية في منطقة القرى السبع التي تسيطر عليها قوات النظام والميليشيات الإيرانية في الريف الشمالي لديرالزور، وهو ما دفع التجار لتخزين كميات كبيرة من المواد الغذائية والسلع الأساسية بهدف بيعها لاحقاً بضعف السعر.
وأكد المراسل أن الزيادة في الأسعار جاءت أيضاً بعد أن وصل الدولار الأمريكي إلى 10 آلاف ليرة سورية لأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية، الأمر الذي دفع التجار لزيادة الأسعار لتتلائم مع سعر الصرف الجديد الذي حددته حكومة النظام وأيضاً مع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، كون أغلب البضائع التي يتم جلبها من مناطق “قسد” يتم دفع ثمنها بالدولار الأمريكي أو ما يعادله في السوق المحلية.
القفزة النوعية في أسعار جميع السلع الغذائية والمواد التجارية والأدوية رافقها حالة من “السخط والغضب” لدى أهالي مدينة ديرالزور، الذين اتهموا النظام والتجار المدعومين من قبله بـ”استغلال الظروف الحالية لتحقيق مكاسب مالية” على غرار ما فعلوا إبان حصار تنظيم داعش للمدينة قبل عدة سنوات، وتحقيق بعض الشخصيات المحلية مكاسب مالية وصلت إلى ملايين الليرات السورية وتحولهم إلى أصحاب رؤوس أموال ضخمة، في الوقت الذي زادت فيه تلك الظروف حالة الفقر لدى الأهالي ووصلت بهم إلى مستويات معيشية متدنية.
“أم فداء”، سيدة من سكان حي الجورة في مدينة ديرالزور، ذكرت أنها “لم تتمكن من شراء عبوة زيت عادية خلال الأيام القليلة الماضية لأن ثمنها تضاعف بسبب رفض التجار بيعها للمواطن بسعرها القديم، والحجة هي ارتفاع الدولار واحتمال اندلاع حرب في المنطقة وغيرها من الحجج الواهية التي لم نرى لها أي مسوغ سوى سعي هؤلاء التجار إلى تحقيق أرباح خيالية على حساب الشعب الفقير”، على حد وصفها.
وقالت في حديثها مع مراسل SY24، إنه “خلال حصار تنظيم داعش للمدينة اضطررنا إلى بيع نصف ممتلكاتنا بهدف الحصول على كميات قليلة من الطعام في ظل احتكار التجار لتلك المواد، وقيام ضباط وقادة الميليشيات المسلحة بابتزاز المواطنين مقابل حصص غذائية مجانية، وهو الأمر الذي بتنا نشاهده الآن بالرغم من عدم وجود أي أسباب تدفع هؤلاء التجار لرفع الأسعار بهذه الطريقة”.
وأضافت أن “الزيت والسكر والدقيق وبعض أنواع البقوليات اختفت من الأسواق بشكل مفاجئ بعد قيام التجار وأصحاب المستودعات بالتوقف عن بيعها للمحلات والبقاليات، فيما اختفت بعض السلع الأخرى مثل الأدوية المنقذة للحياة والمحروقات وغاز الطبخ وسط شائعات تتحدث عن احتمال انخفاض حصة الخبز الموزعة للمواطنين”.
وفي سياق متصل، عمدت حواجز الفرقة الرابعة على فرض إتاوات مالية إضافية على بعض الشاحنات القادمة لمدينة ديرالزور والخارجة منها، وذلك بعد زيادة عدد الحواجز العسكرية التابعة لها على مداخل المدينة الأربعة، وقيام عناصر تلك الحواجز باستغلال الظرف الأمني الخاص الذي تعيشه المنطقة والضغط على التجار من أجل دفع مبالغ إضافية مقابل عدم اعتقالهم بتهمة “ترويج إشاعات كاذبة والإضرار بالأمن القومي الوطني”.
والجدير بالذكر أن منطقة القرى السبع التي تسيطر عليها قوات النظام والميليشيات الإيرانية والروسية الموالية له تشهد تحركات غير مسبوقة، عقب قيام “قوات سوريا الديمقراطية” باستقدام تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المنطقة برفقة مئات العناصر وبدعم مباشر من قوات التحالف الدولي، الأمر الذي دفع النظام والميليشيات الإيرانية لجلب تعزيزات إضافية إلى منطقة السرير النهري المقابلة لمناطق “قسد”، وسط حالة من الخوف والهلع يعيشها النظام خوفاً من تكرار انشقاق العناصر وهروبهم من أرض المعركة في حال اندلاعها.