أنهت “سلوى” 33 عاماً، إجازة الأمومة من عملها في أحد المنظمات الإنسانية قبل أسابيع، وعادت إلى استكمال دوامها في مدينة سرمدا بعد انقضاء إجازتها، إلا أنها بدأت تكتشف التحديات الجديدة بوجود طفل رضيع في المنزل، لا يمكنه الاستغناء عنها.
إذ تواجه الأم العاملة صعوبات كبيرة في قطاع العمل، مع عدم وجود مراكز مخصصة لحضانة الأطفال في معظم أماكن العمل، أو مع رفض المؤسسة وجود أطفال مع الموظفة في حال أرادت أصحابهم معها، فضلاً عن أنه قد تكون طبيعة العمل تحتم عليها عدم اصطحاب الأطفال خاصة للفرق الجوالة في المنطقة، واحتمال تعرض الأطفال إلى عوامل الجو المختلفة ما يشكل خطراً كبيراً على صحتهم.
تقول “سلوى” وهي أم لأربعة أطفال أصغرهم طفلها الرضيع، واصفة عملها بـ “الجبار” في ظل هذه التحديات الكبيرة واستمرار نشاطها داخل المنزل وخارجه فضلاً عن تحمل مسؤولياتها تجاه أطفالها: إنها تبذل جهداً مضاعفاً بشكل يومي، يرافقه مخاوف عديدة و شعور بالتقصير نحوهم، كونها تتركهم ساعات طويلة خلال فترة العمل.
تحمل “سلوى” شهادة جامعية، عملت منذ سنوات في عدد من منظمات المجتمع المدني، كي تساعد زوجها في تحمل مصاريف المنزل في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي يعيشها الأهالي في الداخل السوري، تسكن في مدينة إدلب بالقرب من منزل أهلها، وهذا ما سهل عليها العمل لاعتمادها على والدتها في رعاية أطفالها خلال فترة غيابها
تقول “سلوى” إنها محظوظة بوجود والدتها التي تحمل عنها عبئاً ثقيلاً في رعاية أطفالها، إلا أن عدداً كبيراً من الأمهات العاملات يواجهن ظروف صعبة في غياب العائلة وعدم وجود أشخاص مقربين يمكنهم رعاية أطفالهم ما يضطرهم إلى البحث عن حلول مكلفة وأكثر صعوبة.
كحال المعلمة “فرح” 27 عاماً، التي تواجه العديد من الصعوبات كونها مهجرة من دمشق إلى الشمال السوري مع زوجها وأطفالها الصغار، وأصبحت بعيدة عن والدتها وباقي أفراد عائلتها وأقاربها، حيث تضطر إلى اصطحاب أطفالها الثلاثة معها إلى المدرسة، مع عدم وجود أحد يرعاهم في المنزل، تقول إنها “تبذل جهداً كبيراً للحفاظ على توازن حياتها في العمل والمنزل”.
يفرض واقع العمل على الأمهات العاملات أن يكن أكثر نشاطاً وحيويةً للتوفيق بين واجباتهن المنزلية وعملهن حيث يستيقظن باكراً ويقمن بواجباتهن كما تفعل “فرح”، إذ تستيقظ باكراً لتجهيز أطفالها، وتصنع وجبات الطعام المخصصة لهم، أثناء وجودهم معها في المدرسة، وتعود فترة الظهيرة برفقتهم، وتباشر عملها في تنظيف وإنجاز الواجبات الأخرى، تخبرنا عن صعوبة تلك المهمة، ولاسيما إن كان الأطفال في سنواتهم الخمسة الأولى، فالتحدي الأول بالنسبة للأمهات العاملات هو كيف يوفقهن في إنجاز مسؤولياتهن الأسرية، والمهنية دون التقصير في أحد الجانبين.
تتشابه ظروف كثير من السيدات العاملات في روتينهم اليومي، بين التزامهن في العمل خارجاً، وبين واجباتهن داخل المنزل مع عوائلهن، وبين راحتهن الشخصية، ويبذلن جهداً مضاغفاً وهنن يسابقن الزمن من أجل إتمام أعمالهن اليومية على أكمل وجه.