استقالات الثلاثي جورج صبرة وسهير الأتاسي وخالد خوجة من الائتلاف بخطوة جماعية ليست شأناً شخصياً يخصّ أطرافها، بل هي شأن عام يخصّ الشعب السوري، وبالتالي من حقّ هذا الشعب أن يعرف ما وراء هذه الخطوة من إجراءات سياسية يعتزم ائتلاف قوى الثورة والمعارضة على الإقدام عليها وتكون خطوات ذات قيمة متناقضة مع قيم وأهداف الثورة السورية والتي سقط في دربها مئات آلاف الشهداء حتى الآن.
الاستقالات تزامنت مع الدعوة إلى اجتماع للهيئة السياسية بغرض انتخاب رئيس وأمين عام جديدين للائتلاف إضافة إلى إعادة انتخاب نواب الرئيس وتقسيم المهام. فهل هذه الاستقالة على علاقة بالصراع الداخلي الذي يعصف ببنية مؤسسة يدلّ اسمها على احتمال تنازع مكوناتها السياسية، والتي عبّرت بلحظة ما عن توازنات إقليمية ودولية في بنية هذه المؤسسة؟ أم أن الاستقالات لها علاقة بالتطورات الجارية المتعلقة بانشطار الموقف السياسي للمعارضة السورية بين اتجاهين؟
الاتجاه الأول يمثّل منتجات مؤتمر آستانة والقوى المصفّقة لهذا الطريق، هذه القوى التي تقبل من الكعكة السورية رائحتها فحسب، واتجاه لا يزال يدفع بالخطاب الثوري إلى حدّه الأقصى دون ركائز واقعية لهذا الخطاب، ودون مراجعة نقدية للمرحلة السابقة، الأمر الذي يستوجب دفع استحقاقات سياسية عن الأخطاء والتجاوزات التي ارتكبت ولم تتم بعد عملية مراجعة لها ومحاسبة عليها.
إنّ نظرةً واقعية ملموسة لقوى الصراع الجاري في سورية وعليها يقودنا بالضرورة إلى وضع الأصابع على الجروح التي وصلت مرحلة التقيّح، فالفصائلية ثبُتَ بالملموس أنّ غالبيتها الساحقة مرتهنة لأجندات مموليها الإقليميين أو الدوليين، وهذا ما يفسر فعلياً وبشكل ملموس خروج هذه الفصائل من المناطق التي كانت تسيطر عليها وتسليم كل أسلحتها الثقيلة والمتوسطة إلى النظام الأسدي. الفصائلية المرتهنة ومصالحها الضيقة هي من منع فعلياً وحدة القرار السياسي والعسكري للثورة السورية وهؤلاء المستقيلون الثلاثة هم جزء فاعل من البنية السياسية للمعارضة التي كانت تمنع نقد الفصائلية، وكانت ترفض أن تمارس هذا النقد.
الثورة لها بنية شاملة، وهذه البنية لها أنساق تتحكم بحركتها وعملها مثل النسق السياسي والعسكري والمالي والفكري والإعلامي.. الخ، ومن الطبيعي أن تُجري فعاليات البنية الحقيقية مراجعاتٍ سنويةٍ لخطط عملها وممارساتها، وأن تزيل السلبيات وتحاسب المقصرين وتمنع الانتهاك، فهل تمّ ذلك من خلال السنوات المنصرمة من عمل هذه المؤسسات؟
أعتقد أن ذلك النقدَ غائب تماماً عن عمل مؤسسات الثورة – المجلس الوطني سابقاً والائتلاف والحكومة المنبثقة عنه – وهذا الغياب ساهم في بقاء فاتورة الدم السوري كبيرة ونتائجها السياسية لا قيمة واقعية لها في ميزان التفاوض مع النظام أو في ميزان العلاقات مع القوى الدولية.
على هذه الأرضية ووفق هذه المنهجية أرسلنا باعتبارنا جزءً من الإعلام أسئلة نريد إجابات شافية عليها إلى أحد المستقيلين الثلاثة، وهو الصديق جورج صبرة وقلنا له حرفياً: “البعض اتهمكم أنّ خطوتكم تتلاقى سياسياً مع وقف القتال بين هيئة تحرير الشام وجبهة تحرير سورية وأنكم بصدد خطوة سياسية تتلاقى مع هذا الاتفاق” فكان ردُّ الصديق جورج صبرة حرفياً: “يا صاحبي لا أريد أن أجعل من الائتلاف والمستقيلين قضية السوريين، لدينا الكثير لنفعله، وليس هناك من أسباب أكثر من النزيف الذي يتعرض له الائتلاف منذ فترة”.
على هذه الأرضية ووفق هذه المنهجية أرسلنا باعتبارنا جزءً من الإعلام أسئلة نريد إجابات شافية عليها إلى أحد المستقيلين الثلاثة، وهو الصديق جورج صبرة وقلنا له حرفياً: “البعض اتهمكم أنّ خطوتكم تتلاقى سياسياً مع وقف القتال بين هيئة تحرير الشام وجبهة تحرير سورية وأنكم بصدد خطوة سياسية تتلاقى مع هذا الاتفاق” فكان ردُّ الصديق جورج صبرة حرفياً: “يا صاحبي لا أريد أن أجعل من الائتلاف والمستقيلين قضية السوريين، لدينا الكثير لنفعله، وليس هناك من أسباب أكثر من النزيف الذي يتعرض له الائتلاف منذ فترة”.
هذا كلام غامض، فالمطلوب من السيد جورج ومن زميليه المستقيلين أن يخرجوا إلى الإعلام ويقولوا لماذا النزف في الائتلاف؟ وما الذي يجري في هذه المؤسسة؟ لكنهم لم يفعلوا ذلك، وما قاله السيد جورج صبرة هو كلام لا يعبّر عن حقيقة الصراع داخل مؤسسات المعارضة والثورة السورية، وهو شكل من أشكال إخفاء الحقيقة عن الشعب السوري صاحب الحق فيها، فنتائج هذه السياسات والمواقف هي شهداء ودم يدفعه الشعب السوري، وضياع لقضية الحرية والديمقراطية التي ثار من أجلها السوريون.