“خلال السنوات الخمس الماضية عادت بنا الحياة إلى العصور الحجرية، وكأننا نعيش في صحراء قاحلة غير مأهولة لعدم وجود أي خدمة تعمل في مناطقنا، ولهذا فإن الخيار الأمثل أصبح هو الهرب من هنا والرحيل إلى مكان أفضل”.
بهذه الكلمات وصفت الشابة “سناء العبدالله” الحياة في مدينة موحسن بريف ديرالزور الشرقي، مؤكدة غياب الخدمات الأساسية في المدينة وعدم توافر أدنى مقومات الحياة البسيطة، وذلك بالتزامن مع ضغوط الحياة الاقتصادية وهبوط قيمة الليرة السورية وغيرها من الأسباب التي دفعها وغيرها للتفكير بالهجرة إلى خارج البلاد.
تقول الشابة سناء في حديثها مع مراسلة SY24 في المنطقة، إن “الكهرباء لم تصل إلى مدينتي منذ أكثر من 5 سنوات ونعيش على مولدات الأمبيرات والشمع والكاز وكأننا في العصر العباسي، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على حياة المدينة وجعلها تستيقظ مع طلوع الشمس وتنام مع مغيبها، ما حولها إلى مدينة أشباح وخاصة أن معظم سكانها كانوا قد هربوا منها سابقاً وأصبحوا خارج البلاد”.
وتابعت بالقول: “نعيش على ضفة نهر الفرات ومع هذا فإن المياه ما تزال مقطوعة منذ أكثر من ثلاث سنوات ولم يقم أحد بإصلاح الأعطال في شبكات المياه وشبكات الصرف الصحي، ولهذا نلجأ لتعبئة المياه من النهر من أجل الاستخدام اليومي كالغسيل وتنظيف الأرض وسقاية الأشجار في المنزل التي ذبلت لعدم قدرتنا على الاعتناء بها بشكل جيد”.
وأضافت “حين نتكلم عن الخبز والمواد الأساسية الأخرى، فإن الحصول على تلك المواد بجودة عادية بات حلماً بالنسبة لنا، فالخبز أصبح يحمل رائحة المحروقات وفيه أحجار ورمال وبعض الخيوط البلاستيكية ما جعله غير صالح للاستعمال البشري، دفعنا ذلك للاستغناء عنه منذ سنوات واللجوء إلى خبزه في التنور المنزلي بالرغم من التكاليف المترتبة على هذه العملية”.
فيما أشارت الشابة التي تدرس في جامعة الفرات خلال حديثها مع مراسلتنا، إلى عدم تواجد أي مركز صحي في مدينة موحسن بريف ديرالزور حيث تعيش، وأكدت أن المرضى يضطرون أحياناً لقطع مسافة تصل إلى أكثر من 30 كم فقط للوصول إلى أقرب مشفى أو مركز طبي يستطيع تقديم مساعدة وصفتها بـ”الخجولة” للمريض في الحالة الإسعافية، التي غالبا تكون قد فارقت الحياة على الطريق أو داخل المركز بسبب “ضعف الخدمات الطبية المقدمة”.
ويذكر أن الأوضاع المعيشية السيئة في ريف ديرالزور الشرقي، قد تضاعفت منذ سيطرة النظام والميليشيات الإيرانية على المنطقة في أواخر عام 2017، حيث استولت تلك القوات على منازل المواطنين ومنعت عدد كبير منهم من العودة إليها، فيما أهملت حكومة النظام وبشكل متعمد المرافق الخدمية ومنعت إعادة تأهيلها تحت أي ظرف كان، ما دفع عدد كبير من أبناء المنطقة إلى تركها والانتقال إما إلى مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” على الضفة المقابلة لنهر الفرات، أو إلى الهجرة إلى أوروبا ودول الخليج بهدف تأمين حياة أفضل لهم و لأطفالهم.