عجز كبير في تأمين ثمن الدواء أو دفع أجرة المعاينة الطبية، تواجهه شريحة كبيرة من المرضى في الشمال السوري، ولاسيما بعد تدهور سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار في الفترة الأخيرة، إذ أن الفرق في أسعار العملات أدى إلى رفع أسعار الأدوية بسبب بيعها حسب قيمة الدولار.
يقول الرجل الستيني “أبو محمود” مقيم في مدينة إدلب، يعاني من أمراض القلب والضغط المزمنة، بعد أن قارن سعر وصفة الدواء الشهر الماضي بسعرها حالياً، إن الفرق أكثر من 70 ليرة تركية، وهذه الأدوية يشتريها بشكل شهري ولا يمكنه التخلي عنها أو استبدالها بأصناف أرخص، خوفاً من تردي وضعه الصحي.
يعد غلاء أسعار الأدوية في الشمال السوري أبرز التحديات التي يعاني منها المرضى، لاسيما أصحاب الأمراض المزمنة، كحال “أبو محمود” والذين بحاجة إلى الأدوية باستمرار، فيما قد يتخلى عدد من المرضى عن شراء الأدوية واللجوء إلى الأعشاب والطب البديل لعلاج بعض الأمراض العادية.
يخبرنا المريض “أبو محمود” في حديثه إلينا، أنه يعتمد في مصروفه على الحوالة المالية التي يرسلها ابنه من تركيا رأس كل شهر، نصفها يذهب ثمن الأدوية وكشفية الطبيب والنصف الثاني مصروف للمنزل، في حين يعجز كثير من المرضى عن تأمين ثمن علاجهم أو يتخلون عن الذهاب للطبيب ويكتفون بطلب مساعدة من الصيدلي الذي لايحتاج أجرة معاينة، حسب قول عدد من المرضى تحدثنا إليهم.
إذ تتراوح المعاينة الطبية بشكل تقريبي بين 70 – 100 ليرة تركية، وقد تختلف حسب الاختصاص وخبرة الطبيب، وتكون المراجعة ما بين 30 – 40 أيضاً، إذ يعد هذا المبلغ مرتفع، ولا يتناسب مع وضع غالبية الأهالي ولاسيما الفقراء وذات الدخل المحدود وعمال المياومة.
حيث دفعت هذه الأسعار معظمهم إلى التوجه للمراكز الطبية المجانية، والمشافي العامة، ما يسبب ازدحاماً كبيراً في موعد الانتظار، وقد لا يناسب الحالات الإسعافية وبعض الأمراض الأخرى.
وفي حديث خاص مع الصيدلاني “خالد اليماني”، أكد أن أسعار الأدوية لم تشهد أي زيادة في الفترة الأخيرة، ولكن انهيار الليرة التركية أثر بشكل واضح على أسعار الأصناف الدوائية التي تباع بالدولار، وهذا ما جعل المرضى يعتقدون أن هناك ارتفاع جديد في الأسعار.
إذ تحصل مناطق الشمال السوري بنسبة كبيرة على بعض الأصناف الدوائية، من مناطق سيطرة النظام، وهذا ما يزيد من سعرها أيضاً إضافة إلى استيراد قسم آخر من تركيا.
يذكر أن القطاع الطبي بشكل عام في الشمال السوري يعاني من هشاشة وضعف وانقطاع في الدعم المقدم من جهات عالمية، ونوهت عدة تقارير صدرت سابقاً عن منظمة العفو الدولية أن هناك نقص شديد في المساعدات الدولية الممنوحة لشمال غرب سوريا تركت نحو 3.1 مليون شخص، بينهم 2.8 مليون نازح، في مواجهة أزمة صحية تكافح فيها المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى للعمل بموارد شحيحة.