أجبرت الظروف الاقتصادية السيئة السكان في ديرالزور على التخلي عن الهوايات التي كانوا يتمتعون بممارستها في وقت سابق، والاستفادة منها بطريقة أو بأخرى بهدف مساعدتهم على تأمين قوت يومهم في ظل انعدام فرص العمل الحقيقية وتضاؤل فرص الحصول على وظائف دائمة ذات مردود مادي جيد يكفي لإعالة مع عائلاتهم.
حيث تحولت بعض الهوايات التي تشتهر بها مدن وبلدات ريف ديرالزور إلى مهن حقيقية يعمل بها العشرات من أبناء المنطقة ومن أشهرها تربية الحمام وطيور الزينة، وغيرها من الحيوانات الأليفة التي تباع في المنطقة بأسعار جيدة بحسب نوعها وطريقة تربيتها وحالتها الصحية، فيما تباع بعض أنواع الطيور الجارحة بمبالغ مالية خيالية جداً تجاوزت في بعض الأحيان حاجز الـ 20 ألف دولار للطير الواحد.
مراسل SY24 في ريف ديرالزور الشرقي أشار إلى زيادة واضحة في محلات بيع طيور الزينة والحيوانات الأليفة في مدن وبلدات المنطقة، مع زيادة الإقبال عليها من بعض الشباب والفتيات بهدف شراء بعض أنواع الطيور الصغيرة وتربيتها مقابل مبالغ مالية تعتبر متوسطة مقارنةً بسعرها في الخارج، وبالذات فيما يخص دول الجوار التي تباع فيها نفس أنواع الطيور بأسعار مضاعفة.
وقال مراسلنا: إن “معظم أصحاب تلك المحلات هم من الشباب الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ 25 عام ويعمل جميعهم في تربية الطيور والحيوانات الأليفة منذ صغرهم، بالإضافة إلى قيامهم باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج السوشيال ميديا في ترويج بضائعهم، ما ساعدهم على زيادة مبيعاتهم ووصولهم إلى أشخاص يعيشون في مدن وبلدات تبعد عنهم أكثر من 100 كم.
“أمجد”، 22 سنة من سكان مدين البصيرة بريف ديرالزور الشرقي وأحد مربي طيور الزينة، ذكر أن “هوايته التي كان يوبخه والده من أجلها تحولت إلى مشروع تجاري صغير يدر عليه مبالغ مالية جيدة تعادل راتب ثلاثة موظفين، الأمر الذي ساعده في إعالة عائلته والتفكير في تطوير تجارته والانتقال بها إلى مستويات أعلى بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي تواجهه في الكثير من الأحيان”، على حد قوله.
وقال في حديثه مع مراسل SY24، إن “فكرة المشروع بدأت بزوج من طيور العاشق والمعشوق وصلت لي هدية وأنا بعمر السادسة عشرة، ومع الوقت زاد شغفي بهذا النوع من الطيور وبدأت بجمع الأموال من مصروفي وشراء الطيور بها ومن ثم مزاوجتها مع بعضها للحصول على أنواع أخرى، وهكذا زادت خبرتي بهذا الموضوع وبدأت أبحث عن أنواع أخرى مثل الكناري و الحسون والحمام بهدف تربيتها والتجارة بها في آن واحد”.
وأضاف أن “اليوم لدي كم جيد من الطيور وأقوم ببيعها بأسعار جيدة وبهذا تحولت هوايتي إلى مصدر دخل لي، إلا أن هذا المصدر معرض كغيره من المشاريع التجارية في المنطقة إلى الخسارة بسبب صعوبة تأمين العلف المناسب لكل طير وتدني مستوى جودته بسبب ظروف تخزينه السيئة، وعدم توفر طرق لنقل تلك الأعلاف التي باتت أسعارها تنافس حتى سعر اللحم والدجاج، إذ يصل سعر كيلو الدخن لأكثر من 25 ألف ليرة بينما بلغ سعر كيلو البريق حوالي 23 ألف ليرة وتجاوز سعر القنبز حاجز 70 ألف ليرة وهي مبالغ مالية كبيرة جدا ًدفعتنا لرفع أسعار الطيور في بعض الأحيان”.
وأشار “أمجد” إلى أن حلمه هو الحصول على “طائر الحر” الذي يباع اليوم بمبالغ خيالية تصل لأكثر من 20 ألف دولار وخاصةً للتجار القادمين من دول الخليج العربي والعراق، مبيناً أن هذه المهمة “صعبة جداً” نظراً لصعوبة اصطياده والوقت والمال الذي يهدر من أجل الحصول على هذا “الطير أو غيره من الطيور الجارحة”.
والجدير بالذكر أن الأهالي في مدن وبلدات ريف ديرالزور الذي تسيطر عليه “قوات سوريا الديمقراطية” يعانون من ظروف معيشية صعبة، في ظل ارتفاع معدلات البطالة وتدني فرص الحصول على وظائف حقيقية بالإضافة إلى زيادة واضحة في أسعار جميع السلع والمواد التجارية والغذائية مقارنةً بدخل الفرد، في ظل استمرار إغلاق معظم المعابر البرية مع مناطق سيطرة النظام والمعارضة السورية وأيضاً مع دول الجوار، والاعتماد على معابر التهريب النهرية التي أغرقت المنطقة ببضائع وسلع غير صالحة للاستهلاك البشري.